في مشهد الإعلام السعودي، الذي تشكل عبر عقود من التحول والتجربة، تبرز أسماء تركت أثرها لا بوصفها عابرة في موجة ظهور، بل لأنها امتلكت أدوات المهنة، وعاشت تفاصيلها، ورافقت جمهورها في لحظاته اليومية، وفي تقلبات الوعي العام. من بين تلك الأسماء يجيء الإعلامي عوض القحطاني، بوصفه أحد الوجوه التي تنقلت بثقة بين النص والصوت، وبين الميدان والشاشة، مجسداً نموذجاً لإعلامي تمرّس في الصحافة المكتوبة، ولمع في استوديوهات البث المباشر، قبل أن ينتقل إلى أدوار استشارية أسهمت في بناء المشهد من خلف الكاميرا.
بدأت ملامح تجربته المهنية من قلب الصحافة الورقية، حين تنقّل بين عدد من الصحف السعودية الرائدة، منها الندوة، والمدينة، والمسائية، وتخللت مراحله المهنية مسيرة مميزة في «عكاظ»، التي كانت في حينها حاضنة لجيل من الصحفيين الذين ساهموا في إثراء الوعي الثقافي والإخباري لجمهور واسع.
مارس القحطاني الصحافة من جذورها: تحريراً، ومتابعة، وميداناً، قبل أن يشق طريقه نحو العمل التلفزيوني، فأصبح أحد أبرز وجوهه.
في التلفزيون السعودي، برز اسمه مذيعاً للأخبار والبرامج، صوتاً متزناً يحضر بلغة دقيقة، وإلقاء مدرّب، وتمكن مهني، عايش لحظات مفصلية في المشهد المحلي، وشارك في تغطية أحداث محلية وعالمية، وكان جزءاً من صناعة الرسالة الإعلامية في واحدة من أكثر المراحل حساسية وتحولاً.
لكن حضوره لم يكن حبيس النشرات، فقد ارتبط به السعوديون أكثر من خلال برنامج «أفراح وتهاني»، الذي لم يكن مجرد مساحة احتفالية، بل نافذة اجتماعية تلامس الوجدان وتمنح الإعلام وجهاً إنسانياً أكثر قرباً للناس، وقد أسهم هذا البرنامج في ترسيخ اسمه في ذاكرة البيوت لعقود.
وفي مرحلة لاحقة، تولّى القحطاني مسؤوليات قيادية كمستشار إعلامي، مستفيداً من تراكم خبراته المهنية في صياغة السياسات والتخطيط للبرامج، ومساهماً في تطوير الخطاب الإعلامي بعيداً عن عدسة الكاميرا. كما مثّل المملكة في محافل إعلامية دولية، وهو عضو في هيئة الصحافة الدولية العالمية.
القحطاني، ليس فقط من الإعلاميين الذين ظهروا على الشاشة، بل من الذين تنفسوا المهنة بمختلف وجوهها، وعاشوا الإعلام ممارسة لا واجهة، ومسؤولية لا استعراضاً، ليبقى صوته، ومسيرته، أحد شواهد الإعلام السعودي في تحوّله من الكلمة إلى الصورة، ومن التغطية إلى التأثير.
أخبار ذات صلة