هذا ما يعكسه الفيلم الجديد للمخرج التركي الكبير “نوري بيلجي جيلان”، حيث يعترف في حواراته بتأثره العميق بالأدب الروسي، وخاصة بأعمال كتاب مثل “فيودور دوستويفسكي” و”أنتون تشيخوف”. تجربة مشاهدة فيلمه الجديد “عن العشب الجاف” تشبه قراءة في رواية ضخمة من العصر الذهبي للأدب الروسي، حيث يغرقنا المخرج في تقديم شخصيات تعكس تقلبات الوجود الإنساني في زمننا الحالي.

تجسد شخصيات أفلام جيلان العزلة والانغماس في المكان، حيث تتحدى الشخصيات الرئيسية للفيلم الصعوبات والتحديات، وتبحث عن معنى الحياة والانتماء خارج حدود العزلة التي تحيط بهم. يتناول الفيلم قصة “ساميت”، الذي يقضي سنة أخيرة من خدمته كمدرس في قرية نائية، ويواجه تحديات كبيرة على صعيد العلاقات والهوية، مما يدفعه للتفكير بعمق في معنى وجوده.

تتميز شخصيات أفلام جيلان بالتناقضات والتحولات المفاجئة، حيث يظهر الأبطال في لحظة من اللطف والحب لينقلبوا بعدها إلى الغضب والعنف. يعرض المخرج التركي الكبير تعقيدات الطبيعة البشرية من خلال شخصياته المركبة والمتأرجحة، مما يجعل الجمهور يتأمل في أسرار الكون وعمق الانسان.

تتميز سينما جيلان بجماليات البطء والتفكير العميق، حيث يستخدم المخرج الكبير لقطات طويلة وكاميرا ساكنة ليعكس عمق الحالة الإنسانية والبحث عن الحقيقة. يناقش فيلمه الجديد مواضيع فلسفية معقدة من خلال حوارات مطولة وتناقشات فلسفية، مما يدفع الجمهور للتفكير بعمق في معنى الحياة والوجود.

نهاية فيلم “عن العشب الجاف” تعكس رحلة الشخصية الرئيسية “ساميت” من العزلة والانغماس في الذات إلى البحث عن القيمة والمعنى في كل تجربة ولحظة. يظهر المخرج التركي الكبير تطور الشخصيات على مدار الفيلم، وكيف يتغير رؤيتهم للعالم ولأنفسهم بسبب التحديات والصعاب التي يواجهونها.

باختصار، يعكس فيلم “عن العشب الجاف” للمخرج نوري بيلجي جيلان روح سينمائية عميقة ومعبرة عن التجارب الإنسانية، من خلال شخصيات معقدة وتناول فلسفي مميز. تستحق أفلام جيلان التفكير والتأمل، وتثري المشهد السينمائي بروحها الفريدة وتعمقها الفلسفي.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.
Exit mobile version