تسبب انخفاض منسوب بحر قزوين، أكبر حوض مائي مغلق في العالم، إلى تغيرات كبيرة في الخط الساحلي لثلاث مناطق روسية.

ويضم بحر قزوين أكثر من 130 نهراً، أبرزها أنهار الفولغا والأورال وتيريك وسولاك وسامور، وتطل عليه خمس دول، هي روسيا وكازاخستان وتركمانستان وأذربيجان وإيران.

وفي العام الماضي ارتفع التدفق السنوي لنهر الفولغا قليلاً إلى 232 كيلومتراً مكعباً، مما خفض من سرعة انخفاض مستوى البحر.

ويعتقد العلماء أن استقرار منسوب البحر يتطلب تدفقاً سنوياً ثابتاً يبلغ حوالى 270 كيلومتراً مكعباً، كما كان الحال بين أواخر السبعينات ومنتصف التسعينات.

ووفقاً لوكالة «تاس» الروسية ظهرت في منطقة أستراخان تغيرات في دلتا نهر الفولغا وتشكلت جزر جديدة، بينما تحولت عدة جزر في منطقة كالميكيا إلى شبه جزر، وتراجع ساحل البحر في جمهورية داغستان الروسية إلى مسافة عدة كيلومترات، كما كاد خليج أستراخان أن يختفي تماماً، حسبما أفاد فرع الفولغا وقزوين لمعهد الثروة السمكية الروسي.

ويرجع انخفاض منسوب بحر قزوين إلى مزيج من تغير المناخ والأنشطة البشرية، أدى إلى ظهور جزر جديدة وتغيرات جذرية في الخطوط الساحلية للدول المطلة عليه، وهي روسيا، كازاخستان، تركمانستان، أذربيجان، وإيران.

وفقًا لدراسات حديثة، انخفض منسوب بحر قزوين بمعدل يتراوح بين 6 و7 سنتيمترات سنوياً منذ بداية القرن الحالي، مع توقعات تشير إلى أن هذا الانخفاض قد يصل إلى ما بين 8 إلى 18 متراً بحلول نهاية القرن، بل وقد يتجاوز 30 متراً في أسوأ السيناريوهات.

هذا التدهور أدى إلى جفاف أجزاء واسعة من الجرف الشمالي والجنوبي الشرقي، مما كشف عن مساحات أرضية جديدة تحولت إلى جزر صغيرة، بعضها مؤقت وبعضها قد يصبح دائماً إذا استمر الوضع على حاله.

ومن أبرز الظواهر التي رافقت هذا الانخفاض ظهور جزر جديدة، مثل جزيرة الأشباح التي رصدتها أقمار ناسا الصناعية مؤخراً، والتي تتشكل نتيجة النشاط البركاني الطيني تحت السطح.

هذه الجزر تظهر وتختفي بفعل التغيرات في المنسوب، لكن استمرار الانخفاض قد يجعل بعضها ملامح دائمة في المنطقة.

أخبار ذات صلة

 

وفي الوقت نفسه، تراجعت الخطوط الساحلية في مناطق مثل مدينة أكتاو في كازاخستان بعيداً عن مواقعها الأصلية، تاركةً وراءها أراضي جافة كانت مغمورة سابقاً.

ويُرجع العلماء هذا الانخفاض إلى عدة عوامل، أبرزها تغير المناخ الذي يزيد من معدلات التبخر بسبب ارتفاع درجات الحرارة، إلى جانب انخفاض تدفق الأنهار الرئيسية مثل نهر الفولغا، الذي يشكل المصدر الأساسي لمياه بحر قزوين.

وتشير تقارير إلى أن روسيا، على سبيل المثال قد قلصت تدفق مياه نهر الفولغا لأغراض اقتصادية، مما أثار قلق الدول المجاورة مثل إيران.

ويهدد انخفاض المنسوب الحياة البحرية، بما في ذلك فقمات بحر قزوين المهددة بالانقراض، التي تعاني من تقلص موائلها ومصادر غذائها، كما يواجه قطاع الصيد انخفاضاً في الإنتاج، بينما تعاني السياحة والشحن من تراجع بسبب صعوبة رسو السفن في الموانئ الضحلة.

كما تؤدي التغيرات في الخطوط الساحلية إلى نزاعات حول الموارد المتناقصة، خاصة احتياطيات النفط والغاز، مع احتمال ظهور مطالبات جديدة بين الدول الخمس.

ويحذر الخبراء من أن بحر قزوين قد يواجه مصيرًا مشابهًا لبحر آرال، الذي تقلص بشكل كارثي بسبب سوء إدارة الموارد المائية.

ويقول الدكتور ماتياس برانج من جامعة بريمن الألمانية: “إذا لم تُتخذ إجراءات جماعية للحد من الاحتباس الحراري وتنظيم استخدام المياه، فقد نفقد هذا النظام البيئي الفريد.

كما يرى جوي سينجارايير من جامعة ريدنج، أن الجزء الشمالي الضحل قد يختفي تمامًا حتى في أفضل السيناريوهات.

شاركها.
© 2025 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.
Exit mobile version