يظل شهر رمضان المبارك في دولة الإمارات العربية المتحدة شهرًا متفردًا بعاداته وتقاليده العريقة التي تعكس أصالة المجتمع الإماراتي وقيمه المتوارثة جيلاً بعد جيل فهو ليس مجرد موسم للعبادة والصيام بل شهر تلتئم فيه العائلات وتتجدد فيه روابط القربى وتنتعش فيه المجالس بوهجها الثقافي والاجتماعي في مشهد يجسد روح التلاحم والتراحم بين أفراد المجتمع .

هذه العادات والتقاليد التي تشكل جزءًا أساسيا من الهوية الإماراتية يحرص معهد الشارقة للتراث على توثيقها ودراستها ونقلها للأجيال القادمة لما تحمله من قيم إنسانية واجتماعية تعزز الترابط المجتمعي.

و قال سعادة الدكتور عبدالعزيز المسلم رئيس معهد الشارقة للتراث في تصريح لوكالة أنباء الإمارات ” وام ” إنه مع غروب الشمس وإعلان موعد الإفطار تتجسد واحدة من أهم عادات رمضان في الإمارات وفي المجتمعات العربية و المسلمة وهي الزيارات العائلية التي تتعمق فيها أواصر القربى حيث يجتمع الأهل والأصدقاء في مجالس تعكس أصالة الضيافة الإماراتية وتزداد المجالس رونقًا في هذا الشهر الفضيل إذ يحرص الرجال على التلاقي بعد صلاة التراويح في المجالس الرمضانية التي كانت في الماضي تُقام في البيوت الكبيرة أو تحت أشجار النخيل وتطورت اليوم لتصبح مجالس رسمية وشعبية تجمع بين الحكمة والحديث في مختلف الشؤون الاجتماعية والثقافية.

وأضاف أن المائدة الرمضانية تمثل لوحة تراثية غنية بالأطباق الإماراتية التقليدية التي ظلت تحافظ على نكهتها الأصيلة عبر السنين.

ففي كل بيت إماراتي تجد أطباقًا شهيرة مثل الهريس والثريد واللقيمات والفرني إلى جانب التمر والقهوة العربية التي تظل رمزًا للكرم الإماراتي .

ولا تزال بعض الأسر تحافظ على عادة إرسال “الفوالة” إلى الجيران وهي صينية عامرة بمختلف الأطباق الرمضانية تأكيدًا لقيم التآخي والتكافل .

ومن خلال برامج التوثيق والتثقيف يعمل معهد الشارقة للتراث على إبراز أهمية هذه الأطباق التراثية وتعريف الأجيال الجديدة بأسرارها ونكهاتها التي تروي قصص الماضي.

وأشار المسلم إلى حرص أبناء الإمارات خلال رمضان على تلاوة القرآن الكريم وختمه سواء في المنازل أو المساجد وتشهد بيوت الله حضورًا مكثفًا خاصة في صلاة التراويح والقيام التي تملأ الأجواء بالروحانية والطمأنينة فيما يحرص كبار السن من جانبهم على تعليم الصغار قراءة القرآن في مشهد يرسخ قيمة العبادة في نفوس الأجيال الجديدة.

وأكد أنه رغم التطورات العصرية إلا أن العادات والتقاليد الرمضانية في الإمارات ظلت محتفظة بجوهرها الأصيل حيث تأقلمت بعض الممارسات مع المستجدات لكن بقي جوهر رمضان قائمًا على قيم التواصل والكرم والروحانية.

وساهمت المجالس الرمضانية الحديثة وبرامج الإفطار الجماعي والمبادرات الخيرية في تعزيز هذه القيم وجعل رمضان مناسبة لاجتماع القلوب وتجديد الصلات.

ولعب معهد الشارقة للتراث دورًا بارزًا في الحفاظ على هذه العادات من خلال توثيقها في الدراسات والبحوث وتنظيم الفعاليات.

ويظل رمضان في الإمارات مناسبة تتجلى فيها ملامح الهوية الوطنية والتراث الثقافي الغني حيث تتعانق القيم الدينية بالعادات الاجتماعية في مشهد فريد يؤكد أصالة هذا المجتمع وعمق جذوره الحضارية.

ومع استمرار هذه العادات جيلًا بعد جيل يبقى رمضان الشهر الذي تزهو فيه الإمارات بتقاليدها ويزدهر فيه المجتمع بروح التراحم والتكاتف التي لطالما ميزته عبر العصور .

وفي هذا الإطار يواصل معهد الشارقة للتراث جهوده في صون هذا التراث وتوثيقه ونقله للأجيال القادمة ليظل رمضان رمزًا للأصالة والهوية الإماراتية.

شاركها.
© 2025 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.