أكد رئيس وزراء إثيوبيا، آبي أحمد، استبعاد أي إمكانية لنشوب حرب مع إريتريا بشأن منفذ يُمَكن بلاده من الوصول إلى البحر الأحمر.
جاءت هذه التصريحات في وقت أُثيرت فيه تساؤلات عن نوايا إثيوبيا في الحصول على حقوق بحرية عبر إريتريا، خاصة بعد إعلان البلاد رغبتها في تعزيز علاقاتها الاقتصادية مع جيرانها في منطقة القرن الأفريقي.
وفي حديث له، لوسائل إعلام -اليوم الخميس- شدد آبي أحمد على أن بلاده تسعى إلى اتباع سياسة سلمية تقوم على التعاون مع إريتريا بدلاً من التصعيد العسكري. وقال “لن نبدأ حربًا ضد إريتريا للحصول على منفذ إلى البحر الأحمر، بل نفضل السعي إلى حلول سلمية”. وأضاف، أن إثيوبيا ملتزمة بالحفاظ على استقرار المنطقة بالحوار والمفاوضات، حيث يمكن للبلدين التعاون في المجالات الاقتصادية والتجارية بما يعود بالفائدة على الشعبين.
وتأتي هذه التصريحات في وقت حساس، حيث تشير بعض التقارير إلى أن إثيوبيا قد تسعى في المستقبل إلى الضغط على إريتريا للحصول على حقوق بحرية، خاصة في ظل الحاجة المتزايدة لدخول الأسواق العالمية عبر البحر الأحمر.
ووفقًا للخبراء، فإن إثيوبيا التي كانت تفتقر إلى منفذ بحري بعد حربها مع إريتريا في عام 1998-2000، تواجه تحديات في تسهيل حركة التجارة الدولية. ولكن رئيس الوزراء الإثيوبي كان واضحًا في موقفه، مبرزًا التزامه بخيارات السلام في التعامل مع هذه القضية الحساسة.
مخاوف وتوترات جديدة
ومع ذلك، ظهرت في الأسابيع الأخيرة مخاوف من تصاعد التوترات العسكرية بين إثيوبيا وإريتريا، فقد أمرت إريتريا بتعبئة عسكرية وطنية، وفقًا لمنظمة حقوق الإنسان، في حين أرسلت إثيوبيا قواتها إلى الحدود، حسبما أفادت مصادر دبلوماسية ومسؤولون لوكالة “رويترز”. هذه التطورات أثارت قلقًا من احتمال حدوث مواجهات جديدة بين الجيشين الإثيوبي والإريتري، وهو ما قد يفضي إلى إنهاء التقارب التاريخي بين البلدين الذي تحقق في السنوات الأخيرة، والذي كان سببا في فوز آبي أحمد بجائزة نوبل للسلام في عام 2019.

وتشير التقارير إلى أن مثل هذه المواجهات بين اثنين من أكبر الجيوش في أفريقيا ستؤدي إلى تدمير الاتفاقات السلمية، وقد تخلق كارثة إنسانية في منطقة لا تزال تعاني من آثار الحرب في السودان. وقد شهد التقارب بين إثيوبيا وإريتريا دعم إريتريا للقوات الفدرالية الإثيوبية في الحرب التي دارت بين الحكومة الإثيوبية وجبهة تحرير شعب تيغراي من عام 2020 إلى 2022، والتي أودت بحياة مئات الآلاف من الأشخاص.
ومع ذلك، تدهورت العلاقات بين البلدين مرة أخرى بعد استبعاد إريتريا من المفاوضات التي كانت تهدف إلى إنهاء هذه الحرب في نوفمبر 2022.
التعاون الإريتري الإثيوبي في إطار السلام
من جهة أخرى، أكدت الحكومة الإريترية موقفها الثابت في دعم السلام والتعاون الثنائي مع إثيوبيا. على الرغم من أن إريتريا تمتلك شريطًا بحريًا على البحر الأحمر، في حين لا تمتلك إثيوبيا أي منفذ بحري، إلا أن البلدين أظهرا رغبة في تجنب التصعيد العسكري، خاصة بعد اتفاق السلام الذي أبرم بينهما في عام 2018، والذي أنهى أكثر من عقدين من العداء والنزاع المسلح. وكان آبي أحمد أشار إلى أن إثيوبيا تسعى إلى تعزيز هذا الاتفاق وتحقيق مصالح مشتركة بعيدًا عن الحرب.
كما تطرقت تصريحات، رئيس الوزراء الإثيوبي، إلى أهمية التعاون بين الدول الأفريقية لتحقيق التنمية والاستقرار. وأكد أن إثيوبيا ستواصل اتباع سياسة الانفتاح الاقتصادي، مع إعطاء الأولوية للمشروعات التي تعود بالنفع على الشعبين الإثيوبي والإريتري، مشيرًا إلى أنه “من الأفضل أن نتعاون في البناء والتنمية بدلاً من الصراع والتدمير”.
ورغم أن التصريحات الأخيرة، تأتي في وقت حساس مع تزايد التوترات في المنطقة، فإن موقف آبي أحمد يؤكد نية إثيوبيا في الحفاظ على العلاقات الإيجابية مع إريتريا. وقد وصف العديد من الخبراء هذه التصريحات بأنها خطوة مهمة نحو تعزيز السلام في المنطقة وضمان استقرار طويل الأمد.