دخل مسلحو حركة 23 مارس -المدعومة من رواندا– مدينة بوكافو، ثاني أكبر مدن شرق الكونغو الديمقراطية، أمس الجمعة، في أحدث تقدم ميداني لهم منذ التصعيد الكبير في معاركهم المستمرة منذ سنوات مع القوات الحكومية.
وأعلن كورني نانجا -زعيم المتمردين في الكونغو الديمقراطية- عن دخول مسلحي الحركة مدينة بوكافو وسيطرتهم على مطارها. وقال نانجا زعيم “تحالف نهر الكونغو”، الذي يضم متمردي الحركة، “أؤكد أننا دخلنا بوكافو.. وسنواصل العملية لتطهير المدينة”.
من جهته، أكد سيلفان إيكينج -المتحدث باسم الجيش الكونغولي- سيطرة الحركة على مطار كافومو الإستراتيجي شمالي بوكافو، وانسحاب القوات النظامية بعتادها من معسكر “سايو” الرئيسي في المدينة.
الجيش ينسحب
في غضون ذلك، ذكر شهود عيان أنهم شاهدوا المتمردين في الشوارع، دون وجود أي علامات على حدوث قتال مع الجيش النظامي.
وقال جان سامي، نائب رئيس المجتمع المدني في إقليم جنوب كيفو، إن متمردين من “حركة 23 مارس” دخلوا منطقتي كازينجو وباجيرا في المدينة، ويتقدمون نحو وسط المدينة التي يقطنها نحو 1.3 مليون نسمة، وأفاد بوقوع إطلاق نار في أجزاء من المدينة.
وقالت مصادر محلية إن المتمردين حاصروا المنطقة المحيطة بمطار كافومو الوطني الواقع على بعد نحو 30 كيلومترا من مدينة بوكافو، عاصمة إقليم جنوب كيفو.
وقبل ذلك بساعات قالت مصادر من بوكافو إن مقاتلين من الحركة المسلحة التي تقاتل الجيش الكونغولي دخلوا المدينة، التي يبلغ عدد سكانها مليون نسمة عبر الأحياء الشمالية الغربية، من دون أن تبدي القوات المسلحة الكونغولية مقاومة تُذكر.
كما أفادت المصادر أيضا برؤية عشرات الجنود يفرون من المدينة، بينما كان القتال مستمرا، مضيفة أن أوامر صدرت للجنود الكونغوليين وعائلاتهم في الصباح بمغادرة المعسكرات الموجودة في المدينة.
وذكر مصدر أمني أن القوات المسلحة لجمهورية الكونغو الديمقراطية والقوات البوروندية المنتشرة في المنطقة دعما لكينشاسا انسحبت في الغالب باتجاه الجنوب الشرقي من بوكافو باتجاه الحدود مع بوروندي.
وأظهرت في مقاطع فيديو نُشرت على الإنترنت مشاهد لمتمردين وهم يتقدمون نحو منطقة باجيرا. وفي أحد المقاطع، سُمع صوت في الخلفية يصرخ “إنهم هناك إنهم كثيرون”.
![ذعر بين السكان بعد سيطرة حركة "إم 23" على ثاني أكبر مدن شرق الكونغو 1](https://khaleeji247.com/wp-content/uploads/2025/02/12813651-1739598296.jpg)
ذعر وتحذير
وتسبب أحدث تقدم للمتمردين في حالة من الفوضى والذعر بين السكان في أجزاء مختلفة من جنوب كيفو، فبعضهم يفر من كافومو إلى العاصمة الإقليمية بوكافو، في حين فر آخرون من بوكافو إلى المدن المجاورة، كما قام البعض بتخزين الإمدادات المنزلية، حيث بدا أن الأنشطة الاقتصادية تنهار.
وقال تشيريموامي أليكسيس، من بين السكان الفارين من كافومو، “لاحظت أن الجنود كانوا يتخلون عن منازلهم ويهربون، لذلك قلت لنفسي إنني لم أعد أستطيع البقاء في هذا المكان”.
وأضاف “الخوف الذي نشعر به هو أن الناس يتحركون دون أي استعداد أو طعام. نحن نهرب فقط بسبب هذا الوضع”.
وقال أحد شهود العيان: إن دراجات نارية محملة بالفرش والأمتعة الشخصية وصلت إلى شوارع بوكافو في وقت مبكر من اليوم، وأبقت متاجر المدينة أبوابها مغلقة.
ودعا ممثلو المجتمع المدني، في رسالة وجهوها في الأيام الأخيرة إلى السلطات المحلية، الجيش إلى عدم “الدخول في اشتباكات بالمدينة”، لتجنب “مذبحة بشرية”.
وأصدرت وزارة الاتصالات في الكونغو بيانا انتقدت فيه المتمردين لانتهاكهم وقف إطلاق النار الذي دعا إليه زعماء المنطقة. وقالت الوزارة إن المتمردين “فرضوا حربا حضرية بمهاجمة مواقع القوات المسلحة الكونغولية التي تحرص على تجنب إراقة الدماء في بوكافو”.
الرئيس ساخط
وانتقد رئيس الكونغو فيليكس تشيسكيدي ما وصفه بفشل المجتمع الدولي في وقف العدوان من جانب المتمردين والقوات من رواندا.
وقال تشيسكيدي -الذي قطع مشاركته في مؤتمر ميونخ- هذا يثير مسألة الأمم المتحدة، التي أصبحت بالنسبة لي منظمة ذات مستويين، اعتمادا على ما إذا كنت من بين الدول القوية أو المتميزة، أو ما إذا كنت من بين الدول الضعيفة والمحرومة”.
وهاجم تشيسكيدي “الطموحات التوسعية” لرواندا المجاورة في المنطقة الغنية بالمعادن، حيث تدعم قوات كيغالي الجماعة المسلحة المناهضة للحكومة.
وقال مصدر حكومي لوكالة فرانس برس: إن تشيسكيدي لن يحضر قمة الاتحاد الأفريقي التي ستستضيفها إثيوبيا يومي السبت والأحد، لأنه “يجب أن يتابع عن كثب الوضع على الأرض”.
ويمنح سقوط مدينة بوكافو، التي سبق وسقطت بالفعل في عام 2004 في أيدي جنود منشقين عن الجيش الكونغولي، “حركة 23 مارس” والقوات الرواندية السيطرة الكاملة على بحيرة كيفو، التي تمتد على طول الحدود الرواندية.
وسيمثل الاستيلاء على بوكافو -عاصمة إقليم ساوث كيفو- توسعا غير مسبوق في حجم الأراضي الخاضعة لسيطرة “حركة 23 مارس” منذ بدء أحدث تمرد.
وتسارعت حدة الصراع في الآونة الأخيرة في هذه المنطقة الغنية بالموارد بعد 3 سنوات من المواجهات، فيما تطالب جمهورية الكونغو الديمقراطية المجتمع الدولي بفرض عقوبات على رواندا.
وتتهم كينشاسا رواندا بالسعي إلى نهب مواردها الطبيعية. لكن الأخيرة تنفي وتتحدث عن التهديد الذي تشكّله الجماعات المسلحة المعادية لها في شرق جمهورية الكونغو، خصوصا تلك التي أنشأها زعماء من الهوتو، تعتبرهم مسؤولين عن الإبادة الجماعية للتوتسي في رواندا عام 1994.
لقد سيطرت حركة إم 23، التي يدعمها حوالي 4000 جندي من رواندا المجاورة، على مدينة غوما، أكبر مدينة في شرق الكونغو، في أواخر يناير/كانون الثاني الماضي. والمتمردون هم الأبرز من بين أكثر من 100 جماعة مسلحة تتنافس على السيطرة على شرق الكونغو الغني بالمعادن.
وقالت الأمم المتحدة والسلطات الكونغولية إن التمرد قتل ما لا يقل عن 2000 شخص في غوما وحولها، وترك مئات الآلاف من النازحين عالقين.