كما هو واجب بالغ الأهمية والضرورة، وكما تقتضي المرحلة الانتقالية في سوريا، وغيرها، وقَّع الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، يوم 13 مارس 2025م، مسودة الإعلان عن الدستور السوري المتوقع، أو القادم. وعُقد مؤتمر صحفي للرئيس الشرع، في القصر الرئاسي، تحدث فيه عن أهمية هذا الحدث، وأبرز بنود الدستور. وذلك بعد أن شرح عضو لجنة صياغة الدستور (السيد عبد الحميد العواك) أبرز بنود الدستور السوري القادم، في مسودته الأولية.

وقال الرئيس الشرع، بعد تلاوة مسودة الدستور: «هذا تاريخ جديد لسوريا.. نستبدل فيه الظلم بالعدل.. ونستبدل أيضاً العذاب بالرحمة.. آمل أن يكون فاتحة خير لسوريا، على طريق البناء والتطور». وقال عضو لجنة صياغة الدستور: «سيُصار في المرحلة المقبلة إلى تشكيل هيئة عليا للانتخابات، ستتولى الإشراف على انتخابات الرئيس وأعضاء مجلس الشعب».

ومما رشح عن محتويات الدستور القادم تولي رئيس الجمهورية السلطة التنفيذية فقط، ومنح الرئيس صلاحية استثنائية واحدة هي إعلان حالة الطوارئ. كما تضمن استقلال السلطة القضائية، ومنع إنشاء المحاكم الاستثنائية، التي عانى منها الشعب السوري الأمرَّين في عهد النظام الأسدي الإجرامي البائد. وتم إعطاء الشعب مجموعة كبيرة من الحريات، بما فيها حرية الرأي والتعبير، والإعلام والنشر والصحافة، وحق المرأة في المشاركة السياسية، وكفل للمرأة الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. وتضمن الدستور «ضرورة تشكيل لجنة لصياغة دستور دائم». كما تضمن أن تكون الشريعة الإسلامية، والفقه الإسلامي هما «المصدر الأساسي للتشريع». وليس، كما كان ينص الدستور السابق، بأن الشريعة الإسلامية هي «مصدر أساسي للتشريع».

ونص الدستور على أن للرئيس صلاحية تعيين ثلث أعضاء مجلس الشعب (البرلمان)، ولكن مجلس الشعب له كامل العملية التشريعية؛ أي عدم الخضوع لموقف أي جهة أخرى، بما فيها رئيس الجمهورية. وحدد هذا الإعلان الدستوري (مسودة الدستور الأولية) «الفترة الانتقالية» بخمس سنوات، يتم في نهايتها صدور الدستور النهائي الدائم، وقيام النظام السياسي الجديد على أساسه.

****

وهكذا، نرى بأن الدستور القادم سيقيم نظاماً تمثيلياً – رئاسياً؛ وهو نظام ديموقراطي يفصل بشدة بين السلطات الثلاث. وأعطى الرئيس صلاحية التنفيذ فقط، بعد أن عانى الشعب السوري سابقاً الأمرّين من تغوّل رئيس الجمهورية على كل السلطات الثلاث، واستبداده المشهود. كما أن صلاحية الرئيس لتعيين ثلث أعضاء مجلس الشعب لن تعطيه أي قدر من السلطة التشريعية، طالما أن للبرلمان السلطة التشريعية كاملة.

والمتوقع تشكيل لجنة لصياغة الدستور السوري الجديد، والدائم. وهذه اللجنة ستبلور الدستور المقترح، وتعيد صياغته، بما يضمن تحقيقه للمبادئ التي تبنتها الثورة الشعبية ضد النظام الأسدي السابق. وتكفي فترة الانتقال، التي حددت بخمس سنوات، لصياغة الدستور النهائي الدائم لسوريا، وعرضه للاستفتاء الشعبي، والبدء في إرساء النظام السياسي الجديد المنتظر، بإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية السليمة، التي يؤمل أن تمثل الشعب السوري فعلاً، وأن تعمل على تحقيق أهدافه، وتطلعاته.

****

والمهم أن يستتب التفاهم والأمن والسلام في ما بين السوريين، وفصائلهم المختلفة، حتى يمكنوا قادة سوريا الجدد من إقامة نظام سياسي دائم، يحقق لكل السوريين الأمن والسلام والرفاه، على أسس حديثة وعادلة… وأخذاً للواقع والوضع السوري الحساس، حسناً قررت لجنة الصياغة الأولية للدستور تمديد مدة الفترة الانتقالية، لخمس سنوات، ومحاولة حل مشاكل هذه الفترة ذاتياً. فإن تعذر ذلك، أو تعثر، يمكن الاستعانة بجامعة الدول العربية، أو بدولة، أو دول شقيقة صديقة، ترضاها، للعمل كوسيط محايد. ثم يُعقد مؤتمر للمصالحة الوطنية الشاملة. وبعد ذلك يتم:

– تشكيل لجنة برلمانية لصياغة دستور دائم (نظام) جديد للبلاد، انطلاقاً من مبادئ الدستور الأولى. وذلك يسهل مهمة اللجنة البرلمانية.

– ويطرح الدستور النهائي المقترح للاستفتاء الشعبي.

– وتنزع أسلحة الميليشيات المسلحة، وتعطى للجيش السوري النظامي.

– وتحويل الصالح من التنظيمات المقاومة إلى أحزاب سياسية، تؤمن بالتداول السلمي للسلطة.

– إجراء انتخابات رئاسية، وتشريعية نزيهة، وتحت رقابة نزيهة.

– انصراف الثوار، غير المنتخبين، إلى مقراتهم.

* * **

لقد تم وضع مسودة الدستور الأولية، وتلك مهمة كبرى أُنجزت. وبقي عمل بقية الإجراءات المذكورة أعلاه. ولعل أهمها تحويل الصالح من التنظيمات، التي كانت تقاوم النظام الأسدي البائد، وهي تنظيمات متنافرة، قد يصعب توحيدها. وربما يستحسن تشكيل مجلس سيادي مؤقت، مكون من قادة هذه التنظيمات، يحل في نهاية الفترة الانتقالية. لذلك، تعتبر الفترة الانتقالية بالغة الخطورة والحساسية. ولكن إرادة الشعب السوري الصلبة قادرة -بإذن الله- على تجاوز كل المخاطر، وصنع سوريا موحدة ومستقرة وآمنة، ومزدهرة.

أخبار ذات صلة

 

شاركها.
© 2025 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.