في الحلقة الثانية من حوارها مع الجزيرة نت، كشفت الباحثة البريطانية في شؤون أفريقيا بيبا لوتون عن أوجه تشابه مثيرة بين المشروع الصهيوني وما سمتها العقيدة الرواندية، مؤكدة أن الدولتين استخدمتا سرديات المعاناة التاريخية لتبرير سياساتهما.

وقالت لوتون إن العقيدة الرواندية تحت قيادة الرئيس بول كاغامى تقوم على بناء الهوية الوطنية واستخدامها أداة للهيمنة والسيطرة، مضيفة أن النخبة السياسية الرواندية، خصوصا من عرقية التوتسي، تتبنى سياسات في هويتها تشبه المشروع الصهيوني في الشرق الأوسط، على حد زعم الباحثة البريطانية.

لوتون: النخبة التوتسية في رواندا تتبنى تفوقا عرقيا يبرر تدخلها الدموي في شرق الكونغو (الفرنسية)

واعتبرت الباحثة أن سردية الضحية باتت أداة إستراتيجية تستخدمها رواندا لحشد الدعم الدولي، لكنها لم تعد فعالة كما في السابق. وقالت إن “إسرائيل ورواندا تلعبان دور الضحية في خطابهما السياسي، لكن هذه الحجة لم تعد تجدي نفعًا بمرور الوقت”.

وتحدثت لوتون عما سمته بالقمع الداخلي في رواندا، مشيرة إلى أن مجرد طرح أسئلة عن أحداث عام 1994 قد يُعرض صاحبها للسجن. واستشهدت بحالة السياسية فيكتوار إنجابير التي قضت 15 عاما خلف القضبان “لمجرد طرحها أسئلة”.

وأضافت “في رواندا لا يمكنك طرح أسئلة بسيطة عن أحداث 1994، فهناك قوانين صارمة تعاقب على ذلك”.

المنطقة الرمادية - بيبا لوتن Rwandan opposition leader, Victoire Ingabire is led to the Rwandan High Court as the fourth week of her trial begins in Kigali, Rwanda September 12, 2011. Ingabire’s team today began their defense against charges leveled upon Ingabire which include giving financial support to a terrorist group and planning to cause state insecurity and divisionism. AFP PHOTO/Steve TERRIL (Photo by STEVE TERRILL / AFP)
زعيمة المعارضة الرواندية فيكتوار إنجابير في طريقها إلى المحكمة العليا الرواندية مع بدء محاكمتها في رواندا في 12 سبتمبر 2011 (الفرنسية)

وانتقدت لوتون نظام الحكم في رواندا وقالت إن له ارتباطات غربية، مشيرة إلى أسماء مثل الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون ورئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، وقالت إن “توني بلير الذي يعد من أكثر السياسيين البريطانيين المكروهين كان مستشارا خاصا لشركة غلينكور إكستراتا التي تُعد من أكبر شركات التعدين في الكونغو”.

رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير (يسار) والرئيس الرواندي بول كاغامي في أفريقيا في 9 ديسمبر 2011 (الفرنسية)

وقالت الباحثة البريطانية إنه رغم اتهامات حكومة الكونغو لرواندا بدعم جماعات متمردة مثل حركة M23، فإن الاتحاد الأفريقي وتجمع شرق أفريقيا التزما الصمت، وهو ما أرجعته لوتون إلى ما سمته “تأثير اللاعبين الدوليين المستفيدين من الصراع”.

وانتقدت الباحثة مخرجات قمة تجمع دول شرق أفريقيا، ووصفتها “بالصادمة”، بعد أن طالبت كينشاسا بالتفاوض مع حركة M23، قائلة إن هذه الجماعة مسؤولة عن “مقتل أكثر من 10 ملايين كونغولي واغتصاب مئات الآلاف من النساء”.

وتحدثت لوتون عما وصفته “بالتحول الغامض” في موقف كينيا من الحرب في الكونغو، معتبرة أن ذلك التغير بدأ بعد زيارة الرئيس روتو إلى البيت الأبيض ولقائه الرئيس الأميركي جو بايدن.

الرئيس الأميركي جو بايدن والسيدة الأولى جيل بايدن يستقبلان الرئيس الكيني وليام روتو والسيدة الأولى راشيل روتو (رويترز)

وأثنت لوتون على أدوار أنغولا وتنزانيا وبوروندي، مشيدة بمساعي أنغولا الدبلوماسية الإيجابية في ملف الوساطة بين الكونغو الديمقراطية ورواندا.

وبشأن آفاق الحل في المنطقة، عبّرت الخبيرة البريطانية عن تشاؤمها إزاء إمكانية إصلاح الوضع والاستقرار في منطقة البحيرات.

جانيت كاغامي (يسار) السيدة الأولى لرواندا وشيري بلير زوجة رئيس الوزراء البريطاني توني بلير في 22 فبراير 2007 (رويترز)

وفي ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، رأت لوتون أن “حل الدولتين بات من الماضي”، داعية إلى “حل الدولة الواحدة، الذي يعترف بحقوق الجميع من دون تمييز”.

وفي ختام حوارها، شددت لوتون على ضرورة “تفكيك الأساطير التي تختلقها بعض الأنظمة لتبرير القمع والتوسع”، مؤكدة أن فهم هذه البنى السردية ضرورة لفهم الحروب الحديثة، إذ تُستخدم المعاناة ذريعة لتهميش شعوب بأكملها، بينما يبقى الضحايا الحقيقيون خارج حسابات المصالح الدولية.

شاركها.
© 2025 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.
Exit mobile version