في ظل «رؤية 2030»، تواصل بلادنا خطواتها الحثيثة نحو مجتمع شامل وعادل، يضمن لأفراده فرصاً متكافئة في التعليم والعمل والحياة الكريمة. وقد أولت بلادنا اهتماماً بالغاً بذوي الإعاقة، إدراكاً لقدراتهم ومواهبهم، فوضعت التشريعات والمبادرات التي تكفل تمكينهم، خصوصاً في مجالات التربية والتأهيل، وكان آخرها «نظام حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة».

ويأتي الأشخاص «الصم» ضمن هذه الفئات التي تحظى بعناية متزايدة، سواء عبر توفير التعليم في مراحل مبكرة، أو عبر دعم التحاقهم بالتعليم الجامعي، وتهيئة البيئة الداعمة لهم تقنياً ومجتمعياً. فقد نجحت بعض الجامعات السعودية، مثل جامعة الملك سعود وجامعة طيبة، في استحداث برامج خاصة لقبول الطلبة الصم وضعاف السمع، مع تقديم خدمات مساندة تشمل الترجمة، والإرشاد الأكاديمي، وغيرهما.

ووفقاً لنشرة الإعاقة الصادرة عن «الهيئة العامة للإحصاء» في 2023 (المستندة إلى بيانات تعداد 2022)؛ تتراوح نسبة الأفراد ذوي الإعاقة السمعية كإعاقة واحدة بين الفئات العمرية المختلفة في السعودية نحو 10% من إجمالي الأفراد ذوي الإعاقة الواحدة في كل فئة عمرية، ما يستدعي مزيداً من الجهد لتوفير حلول تعليمية وتقنية مخصصة لهذه الفئة. ويعد «أسبوع الأصم العربي» هذا العام محطة مهمة لتجديد الالتزام تجاه هذه الشريحة، لا سيما أن شعاره الخمسين جاء بعنوان «جدوى استخدام الذكاء الاصطناعي في تربية وتأهيل الصم»، في إشارة واضحة إلى أهمية تسخير التكنولوجيا في إزالة الحواجز، وتقديم محتوى تعليمي مبتكر يسهم في دمج الصم أكاديمياً ومهنياً.

لقد أصبح الذكاء الاصطناعي اليوم، وسيلة فعالة لتيسير تعليم الصم، من خلال تطبيقات الترجمة الفورية للغة الإشارة، وأنظمة التعرف على الحركة والصوت، ومنصات التعليم التفاعلي، ما يتيح بيئة تعلم أكثر فهماً وتفاعلًا، ويُعزز من فرص استيعاب الطلبة الصم للمفاهيم المعقدة، خصوصاً في المواد العلمية.

رغم التقدم إلا أن الطريق لا يزال يحمل بعض التحديات؛ منها:

أولاً: نقص الكوادر المؤهلة في مجال الترجمة بلغة الإشارة داخل المؤسسات التعليمية والإعلامية.

ثانياً: محدودية البرامج الأكاديمية والتأهيلية التي تُعنى بتنمية مهارات الصم التقنية والمهنية. ثالثاً: عدم الاعتراف الرسمي بلغة الإشارة السعودية كلغة مستقلة، مما يضعف دمجها في المناهج والسياسات التعليمية المبكرة.

من هنا؛ فإن الذكاء الاصطناعي لا يعد ترفاً تقنياً، بل أداة إستراتيجية قد تسهم في تجاوز هذه التحديات، وتقديم حلول مخصصة تعزز من استقلالية الصم، وتفتح أمامهم أبواب العلم والعمل. إن اختيار شعار «جدوى استخدام الذكاء الاصطناعي في تربية وتأهيل الصم» في النسخة الخمسين لأسبوع الأصم العربي، يمثل دعوة صادقة للابتكار والتكامل، وتأكيداً على أن التقنية حين توظف بإرادة إنسانية، تصبح جسراً نحو الكرامة، والتعليم، والتمكين الحقيقي.

أخبار ذات صلة

 

شاركها.
© 2025 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.
Exit mobile version