23/4/2025–|آخر تحديث: 23/4/202503:08 م (توقيت مكة)
أعلنت الحكومة البريطانية تأجيل المحادثات المقررة في لندن الأربعاء بين وزراء خارجية عدد من الدول لبحث السلام في أوكرانيا، وخفض تلك المحادثات إلى مستوى المسؤولين، وذلك بعد رفض كييف خطة الولايات المتحدة للاعتراف بسيادة روسيا على شبه جزيرة القرم.
ووفقا لموقع سكاي نيوز فإن وزيري الخارجية البريطاني ديفيد لامي والأميركي ماركو روبيو لن يحضرا محادثات السلام، موضحا بأن الدبلوماسيين من بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وأوكرانيا “أرجؤوا اجتماعا كان مقررا في لندن اليوم لإجراء محادثات رفيعة المستوى حول كيفية إنهاء الحرب الروسية”.
وكان من المقرر أن يزور روبيو لندن اليوم للقاء لامي ووزراء خارجية أوكرانيا وفرنسا وألمانيا، لكن الزيارة تأجلت أمس. وبمجرد الإعلان عن ذلك، أوقفت باريس وبرلين خطط سفر وزرائهما إلى لندن، ويعتقد أن الاجتماع الوزاري سيتم قريبا.
وبدلا من ذلك، سيشارك المبعوث الأميركي إلى أوكرانيا كيث كيلوغ في المناقشات بلندن مع كبار المسؤولين الفرنسيين والألمان، كما أن وزير الخارجية الأوكراني أندريه سيبيغا لا يزال من المقرر أن يكون بالعاصمة وسيلتقي نظيره لامي.
وبدلا من الاجتماع شخصيا، أجرى لامي مكالمة هاتفية مع روبيو، ووصفها في تغريدة على منصة إكس بأنها “بناءة” وقال إن المحادثات ستستمر بوتيرة متسارعة وسيجتمع المسؤولون في لندن اليوم. وفي المقابل نشر روبيو تغريدة أشار فيها إلى أن كيلوغ سيترأس وفدا أميركيا إلى لندن لعقد اجتماعات “فنية جوهرية” مع نظرائه الأوكرانيين والبريطانيين.
وكان ينتظر لمحادثات وزراء الخارجية أن تلعب دورا مهما في الجهود الدبلوماسية لوقف الحرب المستمرة منذ أكثر من 3 سنوات، رغم أن بريطانيا قللت من التوقعات بتحقيق اختراق كبير.
الخطة الأميركية
وتنص الخطة الأميركية المقترحة -وفقا لما أوردته وسائل الإعلام الأميركية نهاية الأسبوع الماضي- على تجميد خطوط المواجهة كجزء من اتفاق سلام، إلى جانب الاعتراف الأميركي بسيادة روسيا على شبه جزيرة القرم.
وكانت صحيفة فايننشال تايمز ذكرت أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عرض -خلال اجتماع مع المبعوث الأميركي ستيفن ويتكوف في سان بطرسبورغ هذا الشهر- وقف القتال عند خط المواجهة الحالي، والتخلي عن مطالبات موسكو بالسيطرة الكاملة على 4 مناطق أوكرانية.
ونقل موقع أكسيوس الأميركي -عن مصدر مقرب من أوكرانيا- أن الأخيرة ترى أن الاقتراح الأميركي منحاز بشدة نحو روسيا، معتبرا أنه ينص بوضوح شديد على مكاسب ملموسة ستحصل عليها روسيا في حين يورد بشكل غامض وعام ما ستحصل عليه أوكرانيا.
ومن جهته، جدد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي تمسك كييف بوقف كامل لإطلاق النار كخطوة أولى نحو السلام وإنهاء الحرب قبل الدخول في أي تفاصيل تطيل أمد الحرب. وخلال إحاطة صحفية في كييف، أكد زيلينسكي انفتاح بلاده على الحوار مباشرة مع موسكو في حال قبولها وقفا شاملا لإطلاق النار.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب صرح الأسبوع الماضي بأن المفاوضات “تصل إلى نقطة حاسمة” مشيرا إلى أن بلاده قد “تنسحب” إذا لم يتحرك أي من الطرفين نحو السلام، كما صرح وزير خارجيته -الأسبوع الماضي- بأن واشنطن “ستتخلى عن المحادثات ما لم يتم إحراز تقدم في غضون أيام”.
اقتراح غير مقبول
وبهذا الصدد، اعتبر فولوديمير شوماكوف الدبلوماسي الأوكراني والمستشار السابق لمحافظة خيرسون -في تصريح للجزير نت- أن الاقتراحات المقدمة من ترامب غير مقبولة لأوكرانيا، مشيرا إلى أن الشروط المطروحة تتعارض مع الدستور الأوكراني الذي يمنع أي تنازلات عن الأراضي الوطنية، خاصة في ظل الأحكام العرفية خلال الحرب.
وأضاف الدبلوماسي الأوكراني أن الحديث عن نهاية الحرب في بلاده يجب أن يفهم ضمن سياقه الحقيقي، مؤكدا أن الرئيس الأميركي ليس صاحب القرار في إنهاء الحرب، وأن بوتين وحده من يملك هذا القرار.
كما وصف التصريحات الروسية الأميركية والاقتراحات المطروحة بأنها صفعة على وجه أوكرانيا وإهمال واضح للقوانين الدولية، معبرا عن رفضه القاطع لأي اعتراف أميركي بشبه جزيرة القرم كأرض روسية.
واعتبر الدبلوماسي الأوكراني أن اقتراح ترامب ذريعة للانسحاب من المفاوضات، وأن الرئيس الأميركي يريد أن يترك أوكرانيا لمصيرها ظنا منه أن روسيا ستحتلها في النهاية، واصفا ذلك بأنه محاولة استرضاء لبوتين ومؤشر على عدم فهم حقيقي لأسباب هذه الحرب.
وأوضح شوماكوف أن هذه حرب استعمارية هدفها السيطرة الكاملة على بلاده، وإذا قدمت أوكرانيا أي تنازلات الآن فإن روسيا ستهاجم مرة أخرى على نطاق أوسع.
محادثات بلا تمثيل فاعل
في المقابل، قال الكاتب والمحلل السياسي الروسي أندريه أونتيكوف في تصريحات للجزيرة نت إن غياب شخصيات محورية مثل روبيو وويتكوف عن الاجتماعات الجارية بشأن الأزمة الأوكرانية يضعف من فرص تحقيق أي تفاهمات، مشيرا إلى أن أهمية هذه اللقاءات ستكون منخفضة للغاية في ظل غياب تمثيل فاعل.
وفي حديثه عن المقترحات الأميركية، أوضح أونتيكوف أن أوكرانيا رفضت بشكل واضح أي طرح يعترف بشبه جزيرة القرم كجزء من الأراضي الروسية، معتبرا ذلك رفضا صريحا ليس فقط لفكرة محددة، بل للخطة الأميركية برمتها.
وأضاف أن هذا الرفض لا يقتصر على أوكرانيا فحسب، بل عدة دول أوروبية من بينها بريطانيا، فرنسا، وألمانيا.
وفيما يتعلق بإمكانية تقديم روسيا تنازلات شدد أونتيكوف على ضرورة مناقشة التفاصيل السابقة واللاحقة، مشيرا إلى أن أي وقف لإطلاق النار يجب أن يكون مصحوبا بآلية مراقبة فعالة وتحديد الجهات التي تخرق الهدنة ومحاسبتها.
كما أشار أونتيكوف إلى إمكانية أن تتخلى روسيا عن بعض مطالبها المتعلقة بمناطق مثل دونباس ودونيتسك وخيرسون وزاباروجيا، ولا سيما تلك التي لا تسيطر عليها القوات الروسية حاليا.
من ناحية أخرى، اعتبر المحلل السياسي الروسي أن مقترح الرئيس الأميركي بنشر قوات أوروبية في أوكرانيا يعد خطوة غير مقبولة بالنسبة لروسيا، لأنها تعني عمليا مزيدا من تسليح أوكرانيا.