لا تكتمل زيارة محافظة جدة إلا بزيارة «بيت نصيف»، فهذا البيت الذي يختصر تاريخ جدة يعود تاريخ بنائه إلى عام 1289هـ، ويعبّر عن حقبة تاريخية من حقب تطور الفن المعماري القديم في عروس البحر الأحمر، وهو أحد أهم المعالم الأثرية فيها.

يقف بيت نصيف بمدينة جدة التاريخية محتفظاً بأصالة الماضي وذكرى الملك المؤسس، كونه أحد أهم المعالم الأثرية في قلب جدة التاريخية. ويعود تاريخ إنشائه إلى عام 1289هـ على يد الشيخ عمر أفندي نصيف، واستغرق بناؤه أربع سنوات على أيدي أمهر البنّائين، ويعبّر طرازه المعماري عن حقبة تاريخية من حقب تطور الفن المعماري القديم بجدة.

وشهد «بيت نصيف» الكثير من الاتفاقات التي وقّعها المؤسس الملك عبدالعزيز، رحمه الله، مع السفراء ومندوبي مختلف البلدان، كما أخذ فيه الملك عبدالعزيز البيعة على العلماء والأعيان من أهل الحجاز، وكان الملك عبدالعزيز يسكن في البيت كلما جاء إلى جدة، وكانت فترة إقامته تزيد على شهر أحياناً، وقد استمر على ذلك أكثر من 10 سنوات، حتى تم بناء قصره الخاص في جدة المسمى حالياً «قصر خزام».

قال عنه رئيس بلدية جدة التاريخية المهندس والباحث التاريخي سامي نوار، إن الأهمية العمرانية لـ«بيت نصيف» تكمن في كونه أول البيوت التي تم إنشاؤها في الحجاز على الطراز العثماني، على عكس البيوت الأقدم عمراً، كـ«بيت المتبولي» و«بيت النوّار» و«بيت الجمجوم»، ذات التصاميم المختلفة.

وأوضح، أن «بيت نصيف» تميز بفراغات الغرف الواسعة والأسقف العالية والرواشين والمشربيات الفارهة التي ساهمت في انسياب كبير للضوء والظل والهواء، فضلاً عن أن درج السلم بُني بطريقة تتيح للجمال والأحصنة الصعود إلى سطح المنزل.

وأكد، أن أهمية «بيت نصيف» التاريخية تزايدت عقب أن نزل فيه المؤسس، رحمه الله، ومنذ ذلك الوقت يعتبر «بيت نصيف» أحد أبرز مواقع السياحة التي تشهد زيارة كبار الضيوف القادمين للسعودية من مختلف أنحاء العالم.

تمت الاستعانة في بنائه بعمال مهرَة، وتميز بطلته البهية، واستُخدم في بنائه حجر الكاشور أو المنقب الجيري كمادة أساسية في البناء، وهو الحجر الجيري المرجاني الذي يُجلب من شاطئ البحر الأحمر ويحافظ على المنزل من البرودة والحرارة ويمتص رطوبة الجو، ويستخدَم معه بياض المصيص الجيري ليمنع تآكل الحجر الجيري.

وتم استيراد خشب خاص من الهند وإندونيسيا لبناء الأسقف والرواشين، فضلاً عن استخدام أخشاب سفينة إنجليزية غرقت في ساحل جدة.

وتبلغ مساحة «بيت نصيف» 900 متر ويضم 40 غرفة، خُصص الدور الأول لاستقبال الضيوف والثاني لنوم الضيوف والثالث للأسرة، أما الرابع ففيه فجوات جدارية يسمونها «ملقف الهواء» لتلطيف الطقس، وهو المقعد المفضل لدى الأسرة في فصل الصيف، ومنه تسمع صوت الأذان في جدة التاريخية من كل جانب.

ويتميز «بيت نصيف» التاريخي بنمط وطريقة في بناء البيت، حيث روعي في الدرج بناؤه بطريقة تسمح بصعود الأدوار الأربعة بسهولة، كما يحتوي على صهريج في أسفله تجتمع فيه مياه الأمطار، ويتميز البيت بـ«الرواشين»، التي تعدّ من أهم المفردات المعمارية والجمالية في التغطية الخشبية البارزة للنوافذ والفتحات الخارجية، وكانت مثل هذه البيوت تشتهر بوجود ملحق خاص بمجلس الاستقبال يسمى «المخلوان».

أخبار ذات صلة

 

شاركها.
© 2025 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.