أكد الخبير في مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، الدكتور بشير عبدالفتاح، أن اختيار الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، السعودية كأول محطة خارجية له في ولايته الثانية، يعكس بوضوح مكانة المملكة في الإستراتيجية الأمريكية، ليس فقط على مستوى الشرق الأوسط، بل في السياسات الدولية الكبرى المتعلقة بالأمن، والطاقة، والاقتصاد.

وقال عبدالفتاح في تصريحات خاصة لـ«عكاظ» إن «المملكة دولة وازنة، تلعب دوراً محورياً في أمن الطاقة العالمي، وتُعد شريكاً إستراتيجياً أساسياً للولايات المتحدة، خصوصاً خلال العقدين الماضيين».

وأشار إلى أن ترمب كرر المسار نفسه الذي سلكه في ولايته الأولى عام 2017، حين كانت الرياض أولى محطاته الخارجية، ما يعكس قناعة شخصية بأهمية السعودية ومكانتها الإستراتيجية.

وأضاف عبدالفتاح أن حرص ترمب على بدء جولته الخارجية من السعودية، بعيداً عن التقاليد السياسية الأمريكية التي كانت تفضل أوروبا أو كندا، «يعكس تقديراً خاصاً للمملكة، وإيماناً مستمراً بمحوريتها في الإقليم والدور الذي تؤديه على المسرحين الإقليمي والدولي».

وسلط الخبير المصري الضوء على النجاحات السعودية في الوساطات الدولية، مؤكداً أن «الرياض أثبتت قدرتها كصانع سلام»، وكان آخر ذلك دورها في نزع فتيل التصعيد بين الهند وباكستان، الذي وصفه بأنه «الأخطر منذ 2019»، إذ أشادت باكستان بالدور السعودي في خفض التوتر، توازياً مع تحركات أمريكية، وهو ما من شأنه أن يعزز الثقة الدولية في الوساطة السعودية.

كما نوّه عبدالفتاح بأن المملكة تلعب أدواراً مؤثرة في قضايا حساسة، مثل الحرب الروسية الأوكرانية، والقضية الفلسطينية، والمسألة السورية.

أخبار ذات صلة

 

وقال: «المملكة تتحرك بثبات، وتُثبت أنها شريك موثوق للولايات المتحدة في سعيها لحلحلة أزمات دولية معقدة، بما في ذلك الملف الفلسطيني الذي قد يشهد تحركات سعودية لفتح نقاش إستراتيجي مع الجانب الأمريكي خلال الزيارة».

وعلى الصعيد الثنائي، أكد عبدالفتاح أن الشراكة الإستراتيجية بين الرياض وواشنطن ستدخل مرحلة جديدة، تشمل «زيادة الاستثمارات السعودية في الاقتصاد الأمريكي، ومشاريع صناعية متقدمة، وتعاوناً في المجال النووي السلمي، والتصنيع الدفاعي المشترك»، لافتاً إلى أن هذه المبادرات تعكس الرؤية السعودية لتعميق الشراكة على أسس اقتصادية وتقنية طويلة الأمد.

وأشار إلى أن زيارة ترمب تتزامن مع ملفات إقليمية شائكة، منها الملف النووي الإيراني، وأمن الملاحة، واستقرار أسواق الطاقة.

وقال: «السعودية تمارس دوراً محورياً في مجموعة أوبك+، لضمان تدفقات نفطية مستقرة وأسعار متوازنة، وهناك رهان أمريكي على دور المملكة في أمن الطاقة ليس فقط بالنفط، بل أيضاً في الغاز والطاقة المتجددة».

واعتبر عبدالفتاح أن المملكة قطعت شوطاً مهماً في مجالات الطاقة المتجددة والتكنولوجيا المتقدمة، مثل الذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات، مشدداً على أن «الولايات المتحدة ستدعم توجهات المملكة لتوطين التكنولوجيا في شقيها المدني والعسكري، وهو ما سيوسّع من فرص التعاون الصناعي بين البلدين».

وختم الدكتور بشير عبدالفتاح تصريحاته لـ«عكاظ» قائلاً: «زيارة ترمب تأتي في توقيت حساس إقليمياً ودولياً، وهي لا تعكس مجرد مجاملة دبلوماسية، بل تؤكد أن السعودية شريك دولي لا غنى عنه، قادر على إدارة الملفات الكبرى بثقة وبراغماتية عالية، ما يجعل من هذه الزيارة نقطة انطلاق جديدة في مسار التحالف السعودي الأمريكي».

شاركها.
© 2025 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.