لا تزال اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات حقوق الإنسان؛ التي تشكلت بقرار من الرئيس اليمني وتوصيات من مجلس الأمن الدولي ومجلس حقوق الإنسان الأممي، تخوض صراعاً حقوقياً وإنسانياً في اليمن، ساعية إلى إظهار الحقيقة وحماية حقوق الشعب اليمني الذي يتعرض لأبشع أنواع الانتهاكات.

«عكاظ» التقت رئيس اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات حقوق الإنسان القاضي أحمد المفلحي، وأجرت معه حواراً موسعاً حول الوضع في اليمن، كشف خلاله عن إصدار اللجنة 12 تقريراً تضمنت حالة حقوق الإنسان، ونشاطات وعمل اللجنة.

وأفصح المفلحي عن رصد 2167 واقعة انتهاك حوثية خلال عام 2024 بلغ عدد ضحاياها 12895 من المدنيين بين قتيل وجريح، وتهجير 10,140 شخصاً، متهماً الحوثي بتوظيف القضاء للتغطية على انتهاكات أتباعه.

ونوّه رئيس اللجنة الوطنية بالجهود السعودية في اليمن ودور المشاريع والبرامج السعودية في إنقاذ الشعب اليمني، مؤكداً أن الدعم السعودي السخي وراء استقرار الوضع.

وإلى تفاصيل الحوار:

دور سعودي بارز لدعم اليمن

• كيف تقيّمون واقع حقوق الإنسان في اليمن وسط تصعيد حوثي ضد المدنيين؟

•• أود أن أعبِّر عن خالص شكري للجهود الذي تبذلها صحيفة «عكاظ» في تقديم محتوى إعلامي متميز واهتمامها وتغطيتها الشاملة لقضايا حقوق الإنسان والوضع الإنساني في اليمن؛ ما يسهم في تقديم الوعي القانوني والحقوقي والإنساني، وأثبتت أنها ليست مجرد منصة للأخبار، بل هي صوت مدافع عن القيم الإنسانية والعدالة الاجتماعية من خلال متابعاتها التي تسلط الضوء على التحديات التي تواجه الأفراد والمجتمعات.

وغني عن التأكيد الدور البارز الذي تقدمه السعودية ودعمها السخي لاستقرار الأوضاع ودعمها للاقتصاد اليمني، وإعادة الإعمار؛ ممثلةً في برنامج الإعمار السعودي، بالإضافة إلى العديد من المشاريع التنموية والخدمية والإنسانية عبر مركز الملك سلمان.

الوضع الإنساني وحقوق الإنسان يتأثر سلباً وايجاباً بالأوضاع التي يمر بها اليمن؛ عسكرية وأمنية واقتصادية وسياسية، وخلال هذا العام استمرت الجهود الدولية والإقليمية في العمل على إمكانية التوصل إلى تسوية سياسية إنسانية تنهي الصراع في اليمن؛ ومن هذه الجهود الوساطة السعودية، العمانية. إلا أن التوترات الأخيرة في باب المندب والبحر الأحمر أدت إلى تجميد محادثات السلام مع استمرار فترة الهدنة غير معلنة في اليمن، وخلال هذه الفترة شهدت اليمن عدداً من الهجمات، وتصل أحياناً إلى حد الاشتباك في بعض المناطق واستهداف المدنيين من خلال الطيران والهاونات من قبل مليشيا الحوثي ما أدى إلى سقوط عدد من الضحايا المدنيين غالبيتهم أطفال ونساء، كما يتعرض آخرون في الطرقات والمناطق الزراعية للموت بسبب انفجار الألغام ومخلفات الحرب، ولا أخفيكم أن الحوثي وظف القضاء للتغطية على الانتهاكات المرتكبة من أتباعه وإصدار عقوبات بحق المدنيين تتهمهم بعدم الولاء له، وقد تصل العقوبات إلى الإعدام، فضلاً عن ممارسة الإخفاء القسري والتعذيب وتفجير المنازل.

12895 ضحية خلال عام

• هل يمكن أن توضح لنا بالأرقام حجم الانتهاكات الحوثية؟

•• تمكنت اللجنة الوطنية من رصد وتوثيق والتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة من جميع الأطراف؛ بمن فيهم الحوثي في عموم محافظات اليمن خلال عام 2024م، بلغت 2167 واقعة انتهاك، وبلغ عدد الضحايا فيها 12895 ضحية من المدنيين؛ بينها 564 واقعة استهداف مدنيين سقط فيها 657 ضحية بين قتيل وجريح؛ بينهم 214 قتيلاً منهم 27 طفلاً و6 نساء، وسقوط 433 جريحاً؛ بينهم 74 طفلاً و52 امرأة، وانتهت اللجنة من التحقيق في منهجية زراعة الألغام المعتادة للأفراد والعبوات الناسفة التي أدت إلى انفجارات وسقوط 196 ضحية بين قتيل وجريح بينهم 40 طفلاً و11 امرأة، وهذا الانتهاك تتفرد به المليشيا.

• وماذا عن الاعتقالات التعسفية والإخفاء القسري؟

•• الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري تم انتهاء التحقيق في 624 ضحية، وتم التحقيق في حوالى 19 واقعة استهداف للأعيان الثقافية والتاريخية والدينية، وحققنا في 506 وقائع اعتداء وتدمير ممتلكات عامة وخاصة، و16 واقعة من الاعتداء على المدارس والمعاهد التعليمية والعاملين فيها. وما يتعلق بالتجنيد تحققنا من تجنيد 186طفلاً دون سن 15 عاماً، كما تأكدنا من 14 واقعة تفجير منازل، وتوثيق تهجير 10,140 ضحية جلهم تهجير قسري في حوالى 128 واقعة حدثت خلال عام 2024 في أماكن مختلفة من المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثي.

انتهينا من التحقيق في سقوط 81 ضحية من وقائع قتل خارج القانون خلال عام 2024، وأجرينا مقابلات خلال العام نفسه مع أكثر من 6169 مبلّغاً وشاهداً وضحية، وتمكنت اللجنة من الاطلاع وفحص أكثر من 5766 وثيقة وتحليلها وحفظها في أرشيف اللجنة.

تأمين الضحايا والشهود وتهيئة القضاء

• لماذا لم تصعّدون هذه الملفات إلى محكمة الجنايات الدولية، وتطالبون بمحاكمة مرتكبي الجرائم؟

•• اللجنة الوطنية ليست منظمة حكومية، لكنها لجنة وطنية مستقلة أنشئت بموجب مرسوم رئاسي وبقرار من مجلس حقوق الإنسان؛ الذي نص على استمرار تقديم الدعم الفني والتقني ورفع قدرات اللجنة الوطنية، وأعطتنا الولاية للرصد والتحقيق في الانتهاكات، ونعمل بشكل مستقل وبحيادية مع جميع أطراف النزاع؛ ومنها الحكومة الشرعية باعتبارها طرفاً من أطراف النزاع الداخلي، وتم رصد وتوثيق الانتهاكات المرتكبة من قبلها.

وقرار الإنشاء تضمَّن تسليم التقارير الدورية لأعمال اللجنة الوطنية الى رئيس الجمهورية ورئيس مجلس القضاء الأعلى، وتتم إحالة أعمال اللجنة الوطنية إلى مكتب النائب العام لاستكمال إجراءات التحقيق، وهنا نجد أن القضاء اليمني هو المختص بهذه القضايا.

القضايا التي تم رصدها والتحقيق فيها تجاوزت 31 ألف واقعة انتهاك، ويتطلب هذا الأمر أن يتم إعادة تأهيل القضاء فيما يتعلق بقضايا حقوق الإنسان؛ لأنها تختلف عن القضايا الجنائية العادية، ومرتكبو هذه الانتهاكات ما زالوا يحملون السلاح ويسيطرون على الواقع.

إن إجراء المحاكمات بهذه الظروف الأمنية واستمرار الحرب قد يعرّض الشهود والضحايا للخطر، وبالأحرى لن تكون هناك إجراءات عادلة ونزيهة إلا بعد انتهاء الحرب، ووجود آلية واضحة لحماية الضحايا والشهود، مما يحقق الغرض من إجراءات المحاكمة، وهنا لا بد من تأمين الضحايا والشهود وتهيئة القضاء من حيث التأهيل والحماية، كما أن القضاء الدولي ليس مختصاً بالنظر في مثل هذه القضايا، ولا يستطيع النظر بهذا العدد الكبير الذي يتجاوز 31 ألف انتهاك.

• ما أبرز التحديات التي تواجهكم؟

•• هناك تحديات وصعوبات واجهت اللجنة في عملها نتيجة استمرار الأوضاع الأمنية والعسكرية التي تشهدها، وتدهور الأوضاع والخدمات وانعدامها؛ كالكهرباء والاتصالات، وصعوبة التنقلات نتيجة قطع بعض الطرق الرئيسية من قبل الحوثي، وتعدد الأجهزة الأمنية في مختلف مناطق اليمن، وخلال هذا العام أغلقت كثير من الوكالات الأممية ومنظمات المجتمع المدني، خصوصاً في مناطق سيطرة الحوثي؛ الأمر الذي أثر على أعمال تعزيز وحماية حقوق الإنسان والوضع الإنساني والوصول إلى الضحايا والعمل في المناطق المتضررة.

ومن أهم تلك التحديات، التجاوزات والخروقات المستمرة للهدنة، واستمرار أعمال العنف واستهداف المدنيين وزراعة الألغام، وإعاقة وصول المساعدات الإنسانية وتعطيل المؤسسات الشرعية، وما ترتب علي ذلك من عدم مصادقة اليمن على عدد من المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، وإصدار تسريبات حديثة تساهم في الحد من الانتهاكات، فضلاً عن تأخر الاستجابة من بعض الأطراف على مذكرة اللجنة واستفساراتها الموجهة بشأن ادعاءات وانتهاكات منسوبة لمحسوبين عليها، والخوف من قبل بعض الفئات من الضحايا وامتناعهم عن التبليغ نظراً لحملات الاعتقال وقمع الحريات، وخصوصية بعض الانتهاكات وصعوبة توفير أدلة قانونية دامغة قانونية بشأنها، خصوصاً العنف ضد النساء والاطفال.

أمّا فيما يتعلق بالتحديات مع المنظمات والوكالات الدولية فإن عدم قيام المفوضية السامية بتنفيذ قرار مجلس حقوق الإنسان خلال عام 2024؛ الذي نص على تقديم الدعم الفني والتقني ورفع القدرات لطواقم اللجنة الوطنية، وتم طرح ذلك على الدول المانحة وتم النقاش في مجلس حقوق الإنسان في دورة سبتمبر 2024، لكن رغم كل هذه التحديات والصعوبات تمكنت اللجنة من أداء عملها، وبفضل إيمان طواقم اللجنة تجاوزنا كل التحديات والصعوبات وتم رصد وتوثيق وتحقيق معظم الانتهاكات في مختلف مناطق اليمن.

• وماذا عن أبرز الانتهاكات الحوثية؟

•• الحوثي يمارس جميع أنواع الانتهاكات وهناك سجون غير رسمية، ولا تراعى فيها المعايير الثانوية والشروط المنصوص عليها في قانون مصلحه السجون، ولم يتم السماح للمنظمات الدولية والمحلية والصحفيين للنزول لتلك السجون، فضلاً عن استخدام القضاء الجنائي تجاه المعارضين وإصدار عدد من الأحكام ما بين الإعدام والسجن تجاه عدد من معارضيهم، وكذا الصحفيين والنشطاء وتم مصادرة عدد من المساكن الخاصة بالمعارضين.

«مسام» أنقذ حياة الآلاف

• كيف تنظرون إلى دور مشروع «مسام» السعودي، والألغام التي انتزعها؟

•• «مسام» يعتبر من أهم المشاريع الإنسانية في اليمن؛ كونه يساهم في إنقاذ حياة الآلاف من اليمنيين في المناطق والمحافظات التي تزرع فيها الألغام الناتجة عن الحرب؛ التي أفقدت الكثير من الأطفال والنساء والرجال حياتهم أو تسببت لهم في إعاقة دائمة، وقد شاهدنا ورصدنا الكثير من الانتهاكات المتعلقة بهذا الجانب؛ كون عملنا يتعلق برصد جميع الانتهاكات ومنها من يتضرر من الألغام بكل انواعها.

ساهم المشروع، على مدى سنوات طويلة، في منع الكثير من الجرائم المتعلقة بالألغام في مختلف المناطق والمحافظات التي تم انتزاع الألغام منها بواسطة فريق مختص. وفي كل مرة نسمع فيها عن امتداد المشروع وتغطية مناطق أخرى، فكل الشكر لهذه الجهود التي تبذل من مشروع مسام السعودي والقائمين عليه وكل من يساهم في تخليص وإنقاذ حياة الناس.

«مسام»

من أهم المشاريع الإنسانية في اليمن

أخبار ذات صلة

 

شاركها.
© 2025 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.