قال الصحابي الشهير الأسود بن يزيد: “سئلت عائشة رضي الله عنها عن ما كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم يفعل في بيته؟” فأجابت عائشة: “كان يكون في مهنة أهله، أي يكون في خدمة أهله.” هذا الحديث يشير إلى تواضع النبي محمد صلى الله عليه وسلم وقيامه بخدمة أهله ومشاركته في الأعمال المنزلية مثل خياطة الملابس وصنع الأحذية. وهذا التواضع والمشاركة في الحياة المنزلية يعتبرون من السنن التي يجب اتباعها وتقديرها في المجتمعات الإسلامية.

وأشار الشيخ محمد بن صالح العثيمين في تفسيره للحديث إلى أهمية تواضع النبي وخدمته لأهله، وكيف أن هذا التواضع يساعد على بناء الحب والتقدير بين أفراد الأسرة. وركز على أن المساعدة في المهام المنزلية والاهتمام بأفراد الأسرة يعتبرون من الأعمال المستحبة والتي تجلب الثواب وتعزز العلاقات الأسرية.

ومع ذلك، تبدو السنن المتعلقة بمساعدة الزوجة وأفراد الأسرة بشكل عام مهملة في بعض المجتمعات الإسلامية، حيث يتم التركيز بشكل أكبر على الأعمال الشكلية التي تنم عن التشبه بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم. ويعود هذا التركيز المفرط إلى تشويه الفهم لمفهوم المساواة والشراكة بين الأزواج، مما يسهم في زيادة حالات الطلاق نتيجة عدم توازن العلاقة بين الزوجين.

وتشير الأبحاث إلى أن معظم الفقهاء يتفقون على عدم وجوب خدمة المرأة في بيت زوجها، بل يفترض أن يوفر الزوج الخدمات اللازمة لزوجته. ومن هنا تبرز الحاجة إلى توعية المجتمع وتغيير الخطاب الديني الذي يميل إلى تحيز الذكورية على حساب الإناث وتقليل حقوقهن.

ويركز العديد من النقاد على دور المرأة في تصحيح الخطاب الديني وتعزيز مكانتها في المجتمع. ويعتبرون أن مشاركة النساء في الحوار الديني والفقهي يمكن أن تسهم في تصحيح الظواهر السلبية التي تظلم النساء وتحد من حقوقهن، وبالتالي تحسين وضع المرأة المسلمة في المجتمعات التي تعاني من تفاقم الذكورية السامة.

وفي الختام، يجب على المجتمعات الإسلامية تقدير التواضع والمشاركة في الحياة المنزلية كنمط مهم من سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم واتباع هذه السنن في بناء العلاقات الأسرية الصحية والمتوازنة. كما ينبغي تعزيز دور المرأة في تصحيح الخطاب الديني والمساهمة في تحقيق المساواة والعدالة بين الجنسين في ضوء القيم الإسلامية.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.
Exit mobile version