أكد سفير إمبراطورية اليابان لدى المملكة السيد ياسوناري مورينو لـ «عكاظ»، أن اللقاءات المتعاقبة لكبار المسؤولين في البلدين أنتجت العديد من الاتفاقيات والمجالس، ونمواً وتعاوناً في مختلف المجالات.

وأشار إلى أن زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، إلى اليابان في عام 2017 كانت نقلة نوعية في مسيرة الصداقة والشراكة. وقال، في حوار خاص مع «عكاظ»، سنحتفل هذا العام في اليابان والمملكة بالذكرى السبعين لتأسيس علاقاتنا الدبلوماسية، نحن نواصل جميعاً بذل كل الجهود لتعميق وتوسيع العلاقات الثنائية، وفق الرؤية السعودية اليابانية 2030. ولفت السفير إلى أن الكثير من اليابانيين مهتمون بالتعرف على الثقافة السعودية، ما سيعزز بالتأكيد الفهم المتبادل بين البلدين.

فهم متبادل ومشترك بين الرياض وطوكيو

• يحتفي البلدان قريباً بمرور 70 عاماً على تأسيس علاقاتهما الدبلوماسية، كيف تقرؤون، بصفتكم سفيراً، طبيعة العلاقة والشراكة بين البلدين بعد عقود من الصداقة الوثيقة؟

•• العلاقة بين اليابان والمملكة العربية السعودية صداقة تاريخية، وشهدت تطوراً كبيراً على مدى عقود، وأصبحت شراكة إستراتيجية متينة تمثلت بين الجانبين بالعلاقة الوطيدة، التي جمعت العائلة الإمبراطورية اليابانية والعائلة المالكة السعودية، إذ قام جلالة إمبراطور اليابان ناروهيتو، عندما كان ولياً للعهد، بزيارة إلى المملكة عام 1995، واستقبله الملك الراحل فهد بحفاوة وترحاب كذلك، قام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بزيارة إلى اليابان عام 2017 وكانت نقلة نوعية في مسيرة الصداقة والشراكة.

ومع احتفال حكومتَي البلدين هذا العام بالذكرى السبعين لتأسيس علاقاتهما الدبلوماسية، تُواصلان بذل كل الجهود اللازمة لتعميق وتوسيع العلاقات الثنائية، في مختلف المجالات وفق «الرؤية السعودية اليابانية 2030» التي اتفق الجانبان على إطلاقها، خلال الزيارة التي قام بها الملك سلمان إلى اليابان عام 2017، وفي 3 فبراير 2025، عقد وزير خارجية اليابان السيد تاكيشي إيوايا ووزير خارجية المملكة الأمير فيصل بن فرحان الاجتماع الثاني للحوار الإستراتيجي، على مستوى وزيرَي الخارجية في طوكيو ووقعا مذكرة إنشاء «مجلس الشراكة الاستراتيجية»، ومذكرة تعاون بشأن الإعفاء المتبادل من متطلبات تأشيرة الإقامة القصيرة لحاملي جوازات السفر الدبلوماسية والخاصة الرسمية، وتلعب الزيارات المتبادلة بين الشعبين دوراً مهماً، في تعزيز التفاهم الثقافي بينهما، وقد تضاعف عدد التأشيرات التي أصدرتها سفارتنا في الرياض وقنصليتنا العامة في جدة، أربع مرات في عام 2024 مقارنة بالعام السابق.

وأود هنا، أن أعبر عن سعادتي الكبيرة بلقاء عدد من السعوديين، الذين يتحدثون اللغة اليابانية بطلاقة، منهم من أقاموا في اليابان للدراسة، ومنهم من تعلموا اللغة خلال مشاهدتهم أفلام الأنمي (الرسوم المتحركة) اليابانية.

في المقابل، شهدنا أيضاً ازدياد عدد السياح اليابانيين الذين زاروا المملكة، وقد نظمت بعض وكالات السفر اليابانية جولات سياحية إلى المملكة بعد تفعيل التأشيرات السياحية هنا، والكثير من اليابانيين مهتمون بالتعرف على الثقافة العربية والإسلامية، وتعلم اللغة العربية، وهو ما سيعزز بالتأكيد الفهم المتبادل بين البلدين.

مجلس الشراكة نقلة مهمة

• اتفق البلدان في مايو الماضي على إنشاء «مجلس الشراكة الإستراتيجية».. ما الهدف من إنشائه، وهل بدأ في مهماته؟

•• في مايو الماضي عقد رئيس وزراء اليابان السابق السيد فوميو كيشيدا، وولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان لقاءً افتراضياً، اتفقا خلاله على إنشاء «مجلس الشراكة الإستراتيجية».

وكما سبق أن ذكرت، تم توقيع مذكرة إنشاء المجلس بين وزيرَي خارجية البلدين في فبراير 2025.

لم يتم الانتهاء بعد من تشكيل المجلس، لكنني على ثقة بأنه سيسهم بشكل كبير في تعزيز العلاقات الثنائية، ونقلها لمستويات أفضل، بقيادة وحكمة المسؤولين في الجانبين.

6 مليارات دولار استثمارات مباشرة

• هل هناك فرص متوقعة للتعاون بين البلدين في مجالات جديدة، كالتحول الرقمي والمعلومات، والاتصالات، والرعاية الطبية، والفضاء؟

•• في نوفمبر الماضي، أجرى رئيس وزراء اليابان السيد شيغيرو إيشيبا اتصالاً هاتفياً بالأمير محمد بن سلمان، أعرب فيه عن أمله في تعزيز التعاون الثنائي، من خلال مجموعة واعدة من المجالات، كالطاقة النظيفة والتكنولوجيا المتقدمة والترفيه، وغيرها من القطاعات، وأن يتم الانتهاء قريباً من المفاوضات الخاصة باتفاقية التجارة الحرة، بين اليابان ودول مجلس التعاون الخليجي.

وفي يناير الماضي، قام وزير الاقتصاد والتجارة والصناعة الياباني السيد يوجي موتو، ونائب وزير الخارجية السيد هيساشي ماتسوموتو، بزيارة إلى المملكة، وعقدا مع وزير الاستثمار المهندس خالد الفالح «اجتماع الطاولة المستديرة الوزارية للرؤية السعودية اليابانية 2030»، بحضور عدد كبير من رجال الأعمال السعوديين واليابانيين، وتم توقيع 13 مذكرة تفاهم بين جهات حكومية وشركات خاصة من الجانبين.

وأشار الوزير موتو، خلال الاجتماع إلى أن عدد مشاريع التعاون المشتركة بين البلدين في مختلف المجالات الاقتصادية والثقافية والرياضية، يتجاوز 150 مشروعاً، وأن الاستثمارات اليابانية المباشرة، بلغت نحو 6 مليارات دولار أمريكي.

• تم تعيينكم سفيراً لليابان قبل فترة قصيرة، ما الملف الأهم بالنسبة لكم، خلال هذه الفترة؟

•• استناداً إلى العلاقة التاريخية التي تجمع البلدين، أعمل على تعزيز الصداقة بين الجانبين على كافة المستويات، وعلى تطوير العلاقة الإستراتيجية، ليس فقط بهدف تحقيق المصالح المتبادلة، بل من أجل إحلال السلام والازدهار في العالم، في ظل التحديات والتطورات التي يواجهها. وقد أكدت اليابان والمملكة في كل المناسبات، استعدادهما التام للمساهمة في تحقيق سلام واستقرار العالم وتنميته.

من جانب آخر، يصادف هذا العام الذكرى السبعين لتأسيس العلاقات الدبلوماسية. وستنظم السفارة اليابانية في الرياض العديد من الفعاليات، وستقدم كل الدعم اللازم للجهات الأخرى، التي ستنظم فعاليات لتعزيز التبادل الثقافي بين البلدين والشعبين الصديقين.

إضافة إلى ذلك، سينطلق معرض أوساكا – كانساي في أبريل المقبل، وأغتنم هذه الفرصة لأتوجه بكل الشكر والتقدير للحكومة السعودية، على إقامة جناح مميز خاص بها، يستعرض التطور الكبير الذي حققته في السنوات الأخيرة، كما يمثل المعرض في أوساكا أهمية خاصة للعلاقات اليابانية السعودية، على اعتبار أن المعرض التالي في عام 2030 سيقام في المملكة ونتطلع إلى زيارة السعوديين لمعرض أوساكا – كانساي في اليابان، وندعو اليابانيين أيضاً إلى زيارة السعودية، للمشاركة في إكسبو 2030.

120 شركة يابانية

• كم عدد الشركات اليابانية العاملة في المملكة حالياً، وهل سنشهد دخول شركات جديدة للسوق السعودية قريباً؟

•• عدد الشركات اليابانية العاملة في المملكة حالياً يتجاوز 120 شركة، وهناك وفود كثيرة من رجال أعمال وممثلين لشركات يابانية يزورون المملكة باستمرار، مما يظهر اهتمامهم الكبير بالفرص التجارية المتنوعة والمتنامية، التي تقدمها المملكة.

• ما المجالات التي تم بحثها والتركيز عليها في منتدى أعمال «الرؤية السعودية اليابانية 2030»، الذي أقيم في طوكيو مايو 2024؟

•• حضر منتدى الأعمال الياباني السعودي نحو 300 مشارك، من مسؤولين حكوميين ورجال أعمال ومستثمرين يابانيين وسعوديين، وتم خلاله توقيع أكثر من 30 اتفاقية ومذكرة تفاهم. وعكس المنتدى تنوّع العلاقات الثنائية بين البلدين، لتشمل مجموعة واسعة من القطاعات، بما فيها التصنيع والطاقة والتمويل والاقتصاد الدائري والرعاية الصحية.

من ناحية أخرى، يقوم البلدان بجهود مشتركة، لجعل المملكة مركزاً للطاقة النظيفة، من خلال تطوير مجالات الطاقة النظيفة مثل الهيدروجين والأمونيا، باستخدام التقنيات اليابانية المتقدمة، وذلك في إطار مبادرة «منار للتعاون في مجال الطاقة النظيفة»، التي تم الاتفاق عليها خلال اللقاء، الذي عُقد بين سمو الأمير محمد بن سلمان، ورئيس وزراء اليابان السابق معالي السيد فوميو كيشيدا، أثناء زيارته إلى المملكة.

رسالة لرجال الأعمال

• كلمة تودون توجيهها لرجال الأعمال السعوديين الراغبين بالاستثمار في اليابان؟

•• تقوم اليابان بخطوات مهمة لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، من أجل تحقيق مستهدفات التنمية المستدامة، بما فيها تطوير الطاقة النظيفة والتحول الرقمي. وتتمتع اليابان ببيئة استثمارية جاذبة وسوق كبيرة، وموارد بشرية غنية وبنية تحتية متطورة.

وبالأرقام، تجاوزت الاستثمارات الداخلية 65 مليار دولار أمريكي في عام 2023، مسجلة أعلى مستوى لها على الإطلاق، مما يؤدي إلى توفر الإمكانات، وتحقيق نمو ديناميكي أكبر. كما طوّرت حكومة اليابان ومنظمة التجارة الخارجية اليابانية نظاماً يدعم الشركات الأجنبية ويمكّنها من ممارسة أعمالها في اليابان بيسر وسهولة.

كما أن أبواب السفارة مفتوحة، لتلقي الاستفسارات من الشركات السعودية المهتمة بالاستثمار في اليابان.

• كيف يمكن للرياضة والفن والثقافة أن تعكس العلاقات العميقة والوثيقة بين المملكة واليابان؟

•• بمناسبة الذكرى السبعين لتأسيس العلاقات الدبلوماسية، تنظم سفارتنا عدداً من الفعاليات، وتدعم في الوقت نفسه بعض الفعاليات الثقافية، التي تنظمها جهات أخرى، من بينها «الأيام الثقافية اليابانية» التي نظمها مركز إثراء في الدمام. وفي الفترة المقبلة، ستنظم سفارتنا بالتعاون مع الجمعية اليابانية «مهرجان اليابان» السنوي.

كل هذه الفعاليات تُعتبر فرصاً ممتازة، يتعرف من خلالها الشعب السعودي على الثقافة اليابانية.

أما الرياضة فهي تلعب دوراً أساسياً في تعزيز روابط الصداقة بين الشعوب، وخير دليل على ذلك ما شهدناه من دعم وتشجيع لمختلف الفرق الوطنية في الألعاب الأولمبية، التي أقيمت في باريس.

وفي ما يتعلق بالتعاون الرياضي بين اليابان والسعودية، أذكر على سبيل المثال لا الحصر، الدعم والتدريب الذي يقدمه لاعبو ولاعبات «الجودو» اليابانيون للاعبي الجودو السعوديين، للمشاركة في الألعاب الأولمبية القادمة، وهذا مصدر فخر كبير لنا.

وفي السياق ذاته، تهنئ اليابان المملكة على فوزها باستضافة كأس العالم لكرة القدم عام 2034، وأتطلع إلى مشاهدة المباريات الرائعة التي ستقدمها الفرق الوطنية السعودية واليابانية، التي ستظهر مهاراتهم الكبيرة وروحهم الرياضية العالية.

أخيراً، أود أن أختتم رسالتي بالتعبير عن تقديري لحكومة المملكة وشعبها الكريم، على استقبالهم الحار لي سفيراً لليابان، وأتمنى للسعودية مزيداً من التطور والازدهار، وللشعب السعودي مزيداً من الرخاء.

13 مذكرة بين جهات حكومية وشركات خاصة في البلدين

150 مشروعاً مشتركاً ونحو 6 مليارات دولار استثمارات يابانية

الطاقة النظيفة والترفيه والتكنولوجيا أهم المجالات الواعدة

ازدياد عدد السياح اليابانيين بعد تفعيل التأشيرات

أخبار ذات صلة

 

شاركها.
© 2025 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.
Exit mobile version