كتب العالم أحمد بن علي المقريزي في كتبه “إغاثة الأمة بكشف الغمة”، “شذور العقود في ذكر النقود”، و”السلوك” عن المصاعب الاقتصادية في مصر في تلك الحقبة، حيث تناول العلاقة بين الأسعار والنقود المتداولة وتأثير استخدام العملات الرديئة على الاقتصاد، واعتبر أن العملات الرديئة تطرد العملات الجيدة من التداول، مما يؤدي إلى نقص وربما انعدام العملات الجيدة وارتفاع الأسعار. وقد أصبحت نظرية المقريزي قانوناً اقتصادياً يعرف بـ”قانون غريشام”.

قانون غريشام ينطبق أيضاً على مجالات مختلفة من الحياة مثل الإعلام والسياسة والاجتماع والثقافة، حيث يلاحظ أن المعلومات السيئة تطرد المعلومات الجيدة وأن الآراء السطحية تنتشر أكثر من الأفكار العميقة. وقد وصف سبيرو أغنيو، نائب الرئيس الأمريكي السابق، قطاع الإعلام الأمريكي بتطبيق لهذا القانون، مشيراً إلى أن الأخبار السيئة تطرد الأخبار الجيدة.

أستاذ الاقتصاد العراقي د. محمد طاقة استعرض تطبيقات قانون غريشام في بعض الدول النامية حيث يشير إلى أن وظائف القيادة أحيانا تمنح لكوادر غير كفؤة وتتسبب في طرد الكوادر الجيدة وتعويضها بأخرى رديئة، مما يؤثر على التنمية والاستقرار الاقتصادي. وأورد تطبيقه في حالة احتلال أمريكا للعراق حيث جلبت عملة رديئة وطردت الكوادر الجيدة مما أثر على المجتمع. كما يؤكد أن تكليف الكوادر الأجنبية في الدول النامية قد يعرقل التطور بسبب عدم فهمهم للقيم والأهداف المجتمعية.

يجب على الدول النامية أن تولي اهتماما خاصا لتطوير برامج التنمية والتحول إلى تنمية ذاتية وطنية تعتمد على مقوماتها الخاصة، وعدم الاندفاع وراء التكنولوجيا والنماذج الغربية دون دراسة وتحليل جوانبها. يجب على القادة المحليين التمسك بالهوية الوطنية والثقافية والاعتماد على الكوادر المحلية في تطوير البلاد وتحقيق التقدم، وتجنب التفوق الأجنبي الذي يمكن أن يعرقل العملية التنموية ويؤثر على المستقبل الاقتصادي. يجب أن تكون القرارات والمشورات مبنية على معرفة دقيقة بالواقع المحلي والحاجات الحقيقية للمجتمع. ويجب على الجميع أن يتأملوا في عبارة “لا تحلق بآمالك مع طيور السماء، ولا تزحف بها مع ديدان الأرض” التي تشير إلى أهمية التوازن والتركيز على الأهداف الملموسة.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.
Exit mobile version