في عام 2012، وبينما كان العالم ينظر إلى «الذكاء الاصطناعي» كأداة محدودة؛ ظهرت لحظة غيرت كل شيء. في مسابقة علمية لتصنيف الصور، تفوقت خوارزمية تدعى (AlexNet) بدقة غير مسبوقة، مما فتح الباب أمام عصر جديد من الذكاء الاصطناعي القادر على التعلم والتطور ذاتياً. لم يعد «الذكاء الاصطناعي» مجرد فكرة نظرية، بل أصبح قوة تتغلغل في تفاصيل حياتنا اليومية، من أنظمة التوصية التي تفهم تفضيلاتنا، إلى المساعدين الرقميين، وحتى الأنظمة القادرة على تحليل النصوص وإنتاج المحتوى بطرق تزداد ذكاءً وواقعية.

لكن هذه القفزة لم تأتِ من فراغ، بل كانت تتويجاً لرحلة علمية وتقنية استغرقت عقوداً. فمنذ أن صاغ جون مكارثي مصطلح الذكاء الاصطناعي عام 1956؛ شهد المجال تطوراً متسارعاً، من النماذج البدائية في الستينيات إلى الشبكات العصبية الحديثة التي جعلته قادراً على تشخيص الأمراض، تنفيذ العمليات المالية، والتحكم في المركبات ذاتية القيادة.

وبينما ننظر إلى المستقبل، من الضروري أن نعود خطوة إلى الوراء لفهم كيف بدأ كل هذا. التطورات التي نشهدها اليوم لم تأتِ من فراغ، بل هي نتيجة عقود من البحث والتطوير. العودة إلى الجذور لا تعني التراجع، بل فهم ما أدى إلى هذا التقدم غير المسبوق، مما يساعد في استشراف المستقبل وإدارته بوعي ومسؤولية.

أحد أهم التحديات التي يفرضها الذكاء الاصطناعي اليوم هو تأثيره على سوق العمل. مع تسارع الأتمتة، أصبحت الحاجة ماسة لإعادة تأهيل القوى العاملة، إذ لم يعد التعليم التقليدي كافياً، بل باتت المهارات التقنية والتحليلية ضرورة لا غنى عنها لضمان الاستفادة من هذه الثورة الرقمية.

في السعودية، حيث تُشكل «رؤية 2030» نقطة تحول رقمية، أصبح الذكاء الاصطناعي محركاً رئيسياً في تطوير القطاعات المختلفة، خصوصاً في بناء مدن المستقبل. من أبرز المشاريع التي تعتمد عليه «نيوم»، المدينة الذكية التي تعمل بالطاقة المتجددة. مشروع «ذا لاين» هو نموذج آخر، حيث تُبنى مدينة خالية من السيارات والشوارع، تعتمد على أنظمة نقل ذكية ومدعومة بالذكاء الاصطناعي.

إلى جانب نيوم، تعمل المملكة على تطوير مدنها لتصبح أكثر ذكاءً، حيث ظهرت خمس مدن سعودية في مؤشر (IMD) للمدن الذكية لعام 2024، وهو تصنيف عالمي يقيس مدى جاهزية المدن لتبني التكنولوجيا وتحسين جودة الحياة.

في ظل هذا التسارع الرقمي، تكمن الفرصة الحقيقية في الاستثمار في التعليم والتدريب المستمر لمواكبة التطورات المتلاحقة. «الذكاء الاصطناعي» ليس مجرد تقنية، بل تحول جذري في أسلوب الحياة والعمل، ومن يفهمه ويتكيف معه سيكون في موقع الريادة في المستقبل.

أخبار ذات صلة

 

شاركها.
© 2025 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.