عام 2018 كنت عائداً على متن الخطوط الجوية الألمانية (لوفتهانزا) من ميونيخ إلى الرياض، وبسبب تأخري في حجز المقاعد، لم أجد في الدرجة الاقتصادية سوى مقاعد متباعدة جداً وكان عددنا ثلاثة، مما اضطرني لترقية حجزي إلى الدرجة الأولى رغم الفارق الفاحش، وفي منتصف الرحلة كان ابني الصغير غسان يستخدم جهاز iPad بينما كان مقعده في وضعية الاستلقاء فانزلق الجهاز وسقط أسفل المقعد، وعند محاولتي إعادته إلى الوضع الطبيعي لاستخراج الجهاز، سمعت صوت تهشم الزجاج لأجد الجهاز وقد انحنى بزاوية 90 ومرت بسلام، في ذلك الوقت لم تكن التحذيرات بشأن عدم تحريك المقاعد عند سقوط الأجهزة الإلكترونية معروفة كما هي اليوم، هذا التصرف قد يؤدي لا قدّر الله إلى انفجار البطارية واندلاع حريق على متن الطائرة لا تُعرف تداعياته.

تذكرت القصّة وأنا أتابع الفترة القريبة الماضية عدة حوادث متعلقة ببطاريات الليثيوم داخل الطائرات، الأمر الذي يؤكد خطورة الوضع.

أحد الحوادث وقع قبل شهر عندما اشتعلت النيران في طائرة إيرباص A321 تابعة لشركة طيران بوسان في مطار جيمهاي الدولي بسبب شاحن متنقل موجود بحقيبة أحد الركاب كشفت التحقيقات لاحقاً أنه مصدر الحريق الذي قضى على الهيكل العلوي وأدى لإصابة عدد من المسافرين، أما ثاني الحوادث فقد وقع هذا الأسبوع على متن طائرة ماليزية، حيث تسبّب شاحن محمول (power bank) في حالة ذعر على متن رحلة الخطوط الجوية الماليزية من جوهور باهرو إلى بانكوك، فالمسافرون أرعبهم الدخان المتصاعد من إحدى الخزائن أعلى المقاعد واتضح أن المصدر شاحن متنقل يحترق في مقصورة الركاب العلوية، وبعد محاولات تمكّن طاقم الملاحين من السيطرة على الوضع ونقلوا الحقيبة إلى دورة المياه وإخماد الحريق في بدايته.

مثل هذه الحوادث ليست جديدة، فبطاريات الليثيوم تشكّل تحديًا قديماً في قطاع الطيران، وقد سبق أن تسبّبت بالعديد من الحوادث لعلّ أبرزها الحريق الذي اندلع في إحدى طائرات بوينغ 787 التابعة للخطوط الجوية اليابانية في عام 2013 ما أدّى إلى إجراء مراجعة شاملة لاستخدام هذه البطاريات في الطيران التجاري، كما سجلت حالات مشابهة على متن طائرات أمريكية وأوروبية بسبب ارتفاع حرارة البطاريات أو حدوث ماس كهربائي داخلها نتيجة اختلاف الضغط الجوّي وتفاوت درجات الحرارة.

وتشير إحصائيات إدارة الطيران الفيدرالية الأمريكية «FAA» إلى أن الحرائق الناتجة عن وجود البطاريات على متن الطائرات تضاعفت أربع مرات في السنوات العشر الأخيرة، وأنه يتم أسبوعياً الإبلاغ عن حريق بسببها.

من أجل ضمان سلامة الركاب والطائرات، تبنّت شركات الطيران إجراءات صارمة لمنع حدوث مثل هذه الكوارث، فبعد أن كان شحنها مقصوراً على الأمتعة المحمولة داخل المقصورة، بدأت بعض الناقلات بفرض حظر كلّي على استخدامها، ويبدو أن هذا التوجه سيستمر، وربما نشهد في المستقبل تعميماً أوسع لهذا القرار على أن تصاحبه حلول مثل توفير أسلاك شحن كما هو الحال مع السماعات التي يتم توزيعها على متن الرحلات.

صناعة الطيران التزمت عبر تاريخها الطويل بأعلى معايير السلامة، وسجلاتها حافلة بالتعلّم من الحوادث وتطوير القوانين والإجراءات لحماية الركاب، ومع تزايد استخدام الأجهزة الإلكترونية المحمولة، يظل الوعي بمخاطرها داخل الطائرات أمراً ضرورياً، ليس فقط على مستوى القوانين، ولكن أيضاً من خلال تثقيف الركاب حول كيفية التعامل مع أجهزتهم الإلكترونية أثناء الرحلات الجوية.

تأكدوا من أجهزتكم المحمولة ومتانة شواحنكم يرحمكم الله.

أخبار ذات صلة

 

شاركها.
© 2025 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.
Exit mobile version