من أهم توجهات الدولة الاهتمام الجاد بالأمن الدوائي باعتباره أمناً استراتيجياً يتطلب توطينه بكافة الجهود والإمكانات، بالإضافة للفاتورة الباهظة التي يمثلها في الإنفاق الحكومي، وهي فاتورة كانت في السابق معرضةً للكثير من التلاعب الذي كانت تمارسه شركات الدواء الأجنبية بشراء ذمم الفاسدين لتمرير صفقاتها. وكمثال على ذلك ما ذكره وزير الصحة ورئيس هيئة المحتوى المحلي والمشتريات الحكومية في حلقة من برنامج (حكاية وعد) عندما قدمت إحدى الشركات الأجنبية عرضاً لتوفير دواء بشكل مجاني في مناقصة قيمتها 30 مليون ريال لكي تزيح شركة وطنية من المنافسة، وشركة أخرى قدّمت سعراً لدواء أقل بنسبة 90% من السعر الذي قدّمته سابقاً لإخراج مصنع محلي من المنافسة، وهنا لكم أن تتخيلوا ماذا كان يحدث طوال الزمن الماضي، وكم كان حجم الاستنزاف المالي والهدر وتدني الجودة والإتلاف بسبب مافيا شركات الدواء الأجنبية ووسطائها والفاسدين المتعاونين معها، إلى حد أن الشركة الوطنية للشراء الموحد (نوبكو) كانت شبه معطلة لأن مهمتها المتمثلة في توحيد جهود شراء الأدوية وتخزينها، وتقليل قيمة الشراء ونسبة التلف في المخازن، تتعارض مع مصالح الشركات الأجنبية.

الوضع الآن مختلف كثيراً بعد صدور نظام المشتريات الحكومية الذي يدعم المحتوى المحلي، وإنشاء لجنة التوطين وميزان المدفوعات برئاسة ولي العهد، وقد بدأت نتائج هذه الإصلاحات تظهر في قطاع الدواء الذي يبلغ حجمه حوالي 10 مليارات دولار، ليس فقط في ضبط فاتورة الدواء بل في توطين الصناعات الدوائية واللقاحات بدعم وتشجيع كبير من الدولة، وكمثال على ذلك توطين صناعة الأنسولين مؤخراً، الذي يستهلك نسبةً كبيرة من ميزانية الدواء لارتفاع نسبة المصابين بالسكري لدينا.

نعيد التأكيد مرة أخرى أن الأمن الدوائي هو أمن وطني استراتيجي، أثبتت أهميته الأزمات السياسية والحروب والجوائح، ولذلك نتمنى التركيز على توطين صناعة الدواء بكل ما نملك من إمكانات وخبرات.

أخبار ذات صلة

 

شاركها.
© 2025 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.