رفضت محكمة الاستئناف المدنية في دبي طعناً تقدم به مدير عربي أُدين جزائياً وفق حكم نهائي بالاختلاس من الشركة التي يعمل بها، وأيّدت إلزامه بسداد 110 آلاف درهم على سبيل التعويض لمالكة الشركة المجني عليها.
وتفصيلاً، دانت محكمة جزاء أول درجة مديراً من جنسية عربية بتهمة الاختلاس، وعاقبته بالحبس ثلاثة أشهر عمّا أُسند إليه من اتهام وبغرامة 580 ألفاً و855 درهماً، قيمة المبالغ التي تعذر ضبطها، إضافة إلى إبعاده عن الدولة.
بدوره، لم يرتضِ المتهم الحكم الابتدائي وطعن فيه أمام محكمة الاستئناف الجزائية، التي قضت من جانبها بإلغاء حكم أول درجة وأيّدت الإدانة، لكنها عدلت العقوبة إلى غرامة 55 ألفاً و449 درهماً فقط.
وبعد صدور حكم نهائي جزائي بات بإدانته لجأت مالكة الشركة إلى المحكمة المدنية، وطالبت بتعويضها عن الضرر الذي لحق بها، وذكرت في بيان دعواها أنها عانت على مدار ثلاث سنوات أضراراً متلاحقة تسبب بها المتهم، إذ تراكمت الديون عليها، وسُجلت دعاوى عمالية ضدها، بسبب عجزها عن صرف مرتبات الموظفين، نتيجة استيلائه على أموال الشركة، وامتناعه عن تجديد رخص السيارات الخاصة بها، ما تسبب في توقف نشاطها المتمثّل في توصيل الطلبات.
وأوضحت أن تبعات تصرفاته أدت إلى سيطرة الأحزان عليها، وشعورها بعدم الأمان والقلق من المستقبل الغامض، لأنها خسرت المدخرات التي جمعتها هي وزوجها بشق الأنفس، وطالبت بتعويض قيمته 100 ألف درهم عن الضرر المادي والمعنوي الذي تعرّضت له.
بدوره، حضر ممثل قانوني عن المدعى عليه، وقدّم مذكرة طلب فيها أولاً وقف الدعوى إلى حين الفصل في طعنه على حكم الاستئناف أمام محكمة التمييز، فوافقت المحكمة على طلبه، إلى أن تقدمت المدعية بطلب لتعجيل الدعوى من الوقف، وأرفقت شهادة تفيد برفض طعنه المقدم أمام التمييز وصيرورة حكم الإدانة الجزائي نهائياً، فقدم المدعى عليه مذكرة طلب فيها رفض الدعوى المدنية على سند من أن المدعية أسهمت في الخطأ الذي أدى إلى خسارة الشركة.
وبعد نظر الدعوى، أوضحت المحكمة أنه من المقرر في شأن الضمان أو المسؤولية المدنية أن المسؤولية عن الفعل الضار تستلزم توافر عناصر ثلاثة، هي ثبوت ارتكاب الشخص للفعل إيجاباً أو سلباً، وثبوت الضرر في جانب المضرور، والعلاقة السببية بينهما.
وأفادت بأنه يقع على عاتق المضرور عبء إثبات توافر عناصر المسؤولية التقصيرية في جانب من نُسب إليه ارتكاب الفعل الضار، وإذا لم يثبت الإهمال أو التقصير في جانبه تنتفي المسؤولية عنه.
وانتهت المحكمة إلى أن البيّن لديها أن خطأ المدعى عليه ثابت بموجب الحكم الجزائي البات، وقد ترتب عليه ضرر مادي بالمدعية، مقداره هو المبلغ الذي استولى عليه، وضرر معنوي تمثّل في حزنها على فقدانها مالها وفوات فرصة استخدامه، وهي الأضرار التي ترى المحكمة تعويضاً جابراً لها 110 آلاف درهم، وفائدة 5% من تاريخ صيرورة الحكم نهائياً وحتى تمام السداد وألزمته برسوم الدعوى ومصروفاتها.من جهته، لم يرتضِ المدعى عليه الحكم الابتدائي، وطعن أمام محكمة الاستئناف المدنية، مطالباً برفض الدعوى نعياً على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق، لقضائه بإلزامه بأداء المبلغ المقضي به للمستأنف ضدها، ورفض دفاعه في شأن إسهامه في حدوث الخطأ المؤدي إلى الضرر، حسبما أشار تقرير الخبير في مرحلة استئناف الدعوى الجزائية، والتقرير الاستشاري الذي يفيد عدم وجود نظام مالي بالشركة، فضلاً عن تناسب مبلغ التعويض مع الضرر الواقع.
وبعد نظر الطعن، انتهت محكمة الاستئناف المدنية إلى أن الحكم انتهى بأسباب صحيحة متفقة مع الواقع وصحيح القانون، لثبوت الخطأ من قبل المدعى عليه بموجب الحكم الجزائي النهائي الصادر بإدانته في تهمة خيانة الأمانة، وتحقق الضرر المادي بالمدعية بما لحقها من فقد أموالها المستولى عليها، والضرر الأدبي الناتج عن الجريمة، ومن ثم قضت برفض الطعن وإلزامه بالمصروفات وأتعاب المحاماة.