كشف تقرير أزمة صحية عالمية تودي بحياة مئات الآلاف من المرضى سنوياً بسبب ما يُعرف طبياً بـ«عدم الالتزام بالعلاج»، وهو فشل المرضى في اتباع خطط العلاج الموصوفة لأمراض مزمنة مثل الربو والسكري وأمراض القلب، ما يؤدي إلى تفاقم الحالات الصحية وارتفاع معدلات الوفيات التي يمكن الوقاية منها.

ويصف التقرير الصادم، الذي نشرته صحيفة «ديلي ميل» البريطانية، هذه الظاهرة بأنها «واحدة من أخطر التحديات التي تواجه أنظمة الرعاية الصحية عالمياً»، حيث تؤثر سلباً على فعالية الأدوية وتزيد من مخاطر المضاعفات، مشيراً إلى أنها ليست مشكلة محلية بل تهديد عابر للحدود يتفاقم مع تزايد الإصابات بالأمراض المزمنة. واستندت الصحيفة إلى بيانات من منظمة الصحة العالمية التي تكشف أن معدل الالتزام بالعلاجات طويلة الأمد لا يتجاوز 50% في الدول المتقدمة، وينخفض أكثر في الدول النامية، ما يعني أن نصف المرضى على الأقل لا يحصلون على الفائدة الكاملة من علاجاتهم.

وتؤكد إحصاءات منظمة الصحة العالمية أن عدم الالتزام يتسبب في نحو 125 ألف وفاة سنوياً في الولايات المتحدة وحدها، ويسهم في 10% من حالات الدخول إلى المستشفيات، ففي حالات ارتفاع ضغط الدم يلتزم 27% فقط من المرضى في غامبيا، و43% في الصين، و51% في الولايات المتحدة بأدويتهم، بينما ينخفض الالتزام في الربو إلى 28% للعلاجات الوقائية، وتتراوح النسب بين 40% و70% لمرضى السكري وأمراض القلب، مما يعرضهم لنوبات قلبية وسكتات دماغية مفاجئة.

وتعددت الأسباب التي أوردها التقرير وراء هذه الظاهرة، حيث يدفع ارتفاع تكلفة الأدوية بعض المرضى إلى التوقف عن تناولها أو تقليل الجرعات، بينما يمنع الخوف من الآثار الجانبية آخرين من الاستمرار، إلى جانب نقص الوعي بأهمية العلاج المستمر، وتعقيد خطط العلاج، وغياب الدعم النفسي والاجتماعي الذي يفاقم المشكلة، وهي عوامل تجتمع لتخلق حلقة مفرغة من التدهور الصحي.

أخبار ذات صلة

 

وتشير التقديرات إلى أن عدم الالتزام يكلف الاقتصاد الأمريكي ما بين 100 إلى 300 مليار دولار سنوياً، بينما تبلغ التكلفة في أوروبا نحو 125 مليار يورو، وفي المملكة المتحدة يُعتقد أن مئات الآلاف من حالات الوفاة المبكرة مرتبطة بهذا السلوك، خصوصاً بين مرضى القلب والسكري.

وأكدت دراسات طبية أن المرضى غير الملتزمين يحتاجون إلى زيارات طبية إضافية وزيادة في العلاجات الطارئة، ما يرفع الأعباء على أنظمة الرعاية الصحية، ويضع ضغطا هائلا على أنظمة الرعاية الصحية، وهو ما دفع الخبراء إلى الدعوة لتدخلات عاجلة تشمل التثقيف الصحي، وتبسيط العلاجات، واستخدام التكنولوجيا لتذكير المرضى، وتخفيض تكاليف الأدوية، وتوسيع دور الصيادلة في المتابعة.

وفي تعليق له، قال المدير التنفيذي السابق للأمراض غير المعدية في منظمة الصحة العالمية الدكتور ديريك ياش إن عدم الالتزام يعد السبب الرئيسي لعدم تحقيق الفوائد الكاملة للأدوية، محذراً من أنه يهدر الموارد ويزيد المضاعفات، بينما أكد الدكتور إدواردو ساباتي أن تحسين الالتزام قد يقلل الحاجة إلى تدخلات مكلفة مثل الإقامة في المستشفيات، داعياً إلى جعله أولوية صحية عالمية.

شاركها.
© 2025 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.