في ختام أسبوع دبي للذكاء الاصطناعي 2025، لم تتصدّر الشركات والمنصات التقنية المشهد وحدها، بل برز صوت الطلبة كعنوان لواقع تعليمي جديد، تتقاطع فيه الخوارزميات مع الدفاتر، والروبوتات مع أقلام السبورة، والأسئلة العميقة مع أجراس الحصص.

وقال طلاب في مدارس خاصة بدبي، إن الذكاء الاصطناعي أصبح بمثابة «زميل جديد» لهم داخل الصفوف، وأكدوا وعيهم بآليات توظيفه في العملية التعليمية. وأظهر استطلاع أجرته «الإمارات اليوم» خلال أسبوع دبي للذكاء الاصطناعي، شمل 10 أسئلة، ومقابلات ميدانية مع طلاب من خمس مدارس خاصة، أن 82% منهم يدركون مفهوم الذكاء الاصطناعي واستخداماته، فيما أشار 76% إلى أنهم يوظفونه يومياً في دراستهم.

وكشفت هيئة المعرفة والتنمية البشرية لـ«الإمارات اليوم» أن مدارس وجامعات خاصة في دبي احتضنت أكثر من 55 فعالية خلال أسبوع الذكاء الاصطناعي، شملت ورشاً ومناظرات ومسابقات، بمشاركة طلبة ومعلمين وأولياء أمور وخبراء.

تجربة متجددة

وتفصيلاً، أجرت «الإمارات اليوم» استطلاع رأي شمل عينة ميدانية ضمت 60 طالباً وطالبة من خمس مدارس خاصة في دبي، تراوح أعمارهم بين 13 و17 عاماً، لاستكشاف أبعاد علاقتهم النفسية والثقافية مع الذكاء الاصطناعي، الذي يرافقهم يومياً في تجربة تعليمية متجددة.

وكشفت نتائج الاستطلاع أن 82% من الطلاب أبدوا وعيهم بماهية الذكاء الاصطناعي، و76% منهم يستخدمونه يومياً في الدراسة أو الحياة الشخصية.

وأظهرت أرقام الاستطلاع تبايناً في تقييمهم له، إذ اعتبره 49% أداة مفيدة وضرورية، مقابل 21% أعربوا عن قلقهم منه، فيما عبّر 30% عن شعور متأرجح بين الإعجاب والانزعاج، ما يبرز أن العلاقة بين الجيل الجديد (جيل الخوارزميات) والعقل الاصطناعي أقرب إلى «شراكة مشروطة» وليس ثقة مطلقة.

أربعة اتجاهات

وكشف الاستطلاع عن أربعة اتجاهات بارزة في مواقف الطلبة تجاه الذكاء الاصطناعي، شملت وعياً تقنياً مرتفعاً بفعل بيئات التعلم الذكية في المدارس، وانبهاراً بأدائه السريع والدقيق، إلى جانب قلق أخلاقي خفي يتعلق بالخصوصية والتحكم، فيما أضفى بعضهم طابعاً إنسانياً على التكنولوجيا، معتبرين الذكاء الاصطناعي أقرب إلى «شخص» منه إلى برنامج.

جزء أساسي

وقال الطالب خالد محمد، إن الذكاء الاصطناعي أصبح جزءاً أساسياً من يومه الدراسي، مضيفاً: «أستخدمه بشكل يومي في إعداد الأبحاث وحل الواجبات، وأشعر أنه يوفر الوقت، ويساعدني على الفهم بشكل أسرع».

وقال الطالب يوسف عمرو منجد: «أعرف جيداً كيف يعمل الذكاء الاصطناعي، لكنّي أحياناً أقلق من الاعتماد عليه بشكل كامل، وأخشى أن يؤثر في قدرتي على التفكير المستقل».

أما الطالب أحمد محمد سمير (17 عاماً)، فأكد أن علاقته بالتكنولوجيا متوازنة، قائلاً: «أنا معجب جداً بقدرات الذكاء الاصطناعي، لكنه ليس مثالياً دائماً. أحياناً تكون المعلومات التي يقدمها غير دقيقة، لذلك أحرص على التحقق منها بنفسي». وأضاف: «الذكاء الاصطناعي مفيد، لكنه لا يغني عن دور المعلم، ولا عن التفكير النقدي».

دعم مخصص

أكد مدير أكاديمية جيمس دبي الأميركية، الدكتور إيثان هيلدريث، أن أدوات الذكاء الاصطناعي وفّرت دعماً مخصصاً وملاحظات فورية للطلبة، ما عزز فهمهم واستقلاليتهم في التعلم. كما أشار إلى أن الأكاديمية اعتمدت برامج تدريب للمعلمين، وبروتوكولات صارمة لحماية البيانات، وتخطط لتوسيع استخدام الذكاء الاصطناعي خلال السنوات المقبلة، مع التركيز على التعلم المخصص والتحليلات التنبئية.

نقلة نوعية

وأوضح نائب رئيس تكنولوجيا التعليم في مجموعة جيمس، باز نجار، أن الذكاء الاصطناعي أحدث نقلة نوعية في أساليب التعليم، من خلال تخصيص المحتوى وتوفير الوقت للمعلمين للتفاعل المباشر مع الطلاب. ولفت إلى شراكة مع «EON Reality» لتطبيق تقنيات الواقع المعزز والافتراضي في الحصص الدراسية، تسهم في تعزيز الفهم والتفاعل. كما أكد أهمية حماية البيانات وأخلاقيات الاستخدام، وكشف عن إطلاق مدرسة جديدة للبحوث والابتكار في 2025، لتأهيل جيل قادر على قيادة المستقبل في عصر الذكاء الاصطناعي.

استراتيجية التعليم 2033

وأكد المدير التنفيذي للذكاء الاصطناعي في هيئة المعرفة والتنمية البشرية بدبي، ماهر الملا، لـ«الإمارات اليوم»، أن استراتيجية التعليم 2033، تركز على تمكين الطلبة والمعلمين من مهارات المستقبل، وبناء مجتمع تعليمي يدعم التعلم مدى الحياة، انسجاماً مع رؤية القيادة الرشيدة.

وأوضح أن الذكاء الاصطناعي بات جزءاً من واقع التعليم والعمل، مشيراً إلى حرص الهيئة على دمجه في رحلة التعلّم لجميع الطلبة، وتعزيز تطبيقاته في الخدمات التعليمية.

مناظرات ومسابقات

وأشار الملا إلى أن أسبوع الذكاء الاصطناعي، بتنظيم مشترك مع مؤسسة دبي للمستقبل، يشهد أكثر من 55 فعالية في مدارس وجامعات دبي، تشمل ورشاً ومناظرات ومسابقات بمشاركة واسعة من الطلبة والمعلمين وأولياء الأمور وخبراء القطاعين العام والخاص.

وأضاف أن الفعاليات تركز على تعزيز الإبداع، ودعم الهوية الوطنية، وتنمية المهارات الأكاديمية والرقمية، إلى جانب تسليط الضوء على قضايا الخصوصية والأخلاقيات والاستخدام المسؤول لتقنيات الذكاء الاصطناعي.

وقال: «الذكاء الاصطناعي يغيّر طريقة التعلّم وأدوارنا في العملية التعليمية، وهدفنا هو تمكين الطلبة والمعلمين لتحقيق مستهدفات استراتيجية التعليم المستقبلية».

مقترحات عملية

لم يكتف الطلبة بإبداء آرائهم، بل قدموا مقترحات عملية أبرزها: دمج الذكاء الاصطناعي في المناهج بأسلوب مبسط، وتنظيم ورش توعية حول الحقوق الرقمية وحماية البيانات، إلى جانب إشراكهم في تقييم الأدوات المستخدمة، وتدريب المعلمين على الاستخدام الأخلاقي والشفاف للتقنيات الحديثة.

طلبة:

• الذكاء الاصطناعي أشبه بـ«زميل جديد»، والعلاقة بيننا «شراكة مشروطة».

• %49 اعتبروا الذكاء الاصطناعي ضرورياً.

• %21 قلقون من الذكاء الاصطناعي.

• %30 متأرجحون بين الإعجاب والانزعاج.

شاركها.
© 2025 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.