في زمن الطيبين، يستعيد أهل الإمارات ذكرياتهم وملامح حياتهم قبل التطور الاقتصادي بشكل عام، وقبل اكتشاف النفط بشكل خاص. يتحدث الأهالي عن العادات والتقاليد التي كانت تهيمن على المجتمع في تلك الفترة، وعن كيفية التعامل اليومي بين الناس، وكيف كانوا يحتفلون بشهر رمضان بطقوس روحانية تسودها الود والتراحم والتعاون. يأتي العيد بعد شهر من الصوم لينشر الفرح والسعادة في كل مكان، حيث يرتدي الأطفال ملابسهم الجديدة للحصول على العيدية، بينما يتبادل الكبار التهاني والزيارات بهذه المناسبة.

تجهيزات العيد كانت تبدأ قبل قدوم شهر رمضان بتهيئة المنازل والمطابخ، وشراء السلع الغذائية الأساسية مثل الهريس والسكر والقهوة والأرز وغيرها. سيدات الفريج كانوا يتعاونون معًا في تجهيز كسوة العيد، حيث كانت تبدأ النساء بخياطة الملابس للأطفال ثم للرجال والنساء. في ليلة الوقفة، تقوم النساء بتجهيز الحناء وتزيين أيديهن وأقدامهن بها، ويتم لف اليد والرجل بقطعة من القماش، وكذلك يتم تصفيف الشعر. النساء كانوا يجتمعن لتحضير الفوالة والطعام، في حين أن الرجال يعودون من صلاة العيد لتبادل التبريكات وقبول العيدية من بيوت الفريج.

كانت المرأة في تلك الفترة تهتم بشكلها وزينتها، وتستخدم مواد ونباتات من البيئة المحلية أو مستوردة من الهند والدول المجاورة مثل الزعفران والحناء. كانت تصنع العطور من الفل والعنبر والدخون، وتصنع المخمرية بالمسك والزعفران ودهن العود لتتركها تتخمر وتصبح رائحتها أقوى. النساء كانوا يهتمن بتزيين أنفسهن باستخدام تلك المواد الطبيعية، وكانت تستغرق وقتًا طويلاً في التجهيز لاستقبال العيد والاحتفال به بشكل لائق.

تعاون سيدات الفريج كان يمتد لتجهيز البزار التقليدي والخياطة اليدوية لكسوة العيد. كانوا يلتقون بعد صلاة التراويح لتوزيع المهام بينهن وتجهيز الملابس بالطريقة التقليدية البسيطة، مما يعكس روح التعاون والتضامن التي كانت تميز ذلك الزمن. كانت النساء يعملن بجهد ومحبة لإعداد الملابس والتجهيزات بدقة وابتهاج، وكانت تستمر هذه العادات والتقاليد حتى الآن بشكل محدود في بعض المناطق الريفية.

في نهاية الأمر، كانت أجواء الاحتفال بالعيد في تلك الفترة تمتلئ بالفرح والسعادة، حيث يتبادل الناس التهاني والزيارات والهدايا بينما تستقبل الأسر الضيوف بكرم وسخاء. كانت النساء يخصصن وقتًا مناسبًا لتجهيزاتهن وزينتهن باستخدام مواد طبيعية من البيئة المحلية ومن الدول المجاورة، لتبرز في يوم العيد بأبهى صورة وتستقبل الضيوف بكرم وسخاء وابتهاج. تعكس هذه العادات والتقاليد الزمنية القيم الاجتماعية والثقافية التي كانت تتسم بها مجتمعات الإمارات في زمن الطيبين والتي لا تزال تحتفظ بها بعض الأسر حتى يومنا هذا.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.
Exit mobile version