أكّد شباب وباحثون إماراتيون أن هواية جمع الطوابع البريدية تشكل وسيلة تسهم في حفظ الهوية الوطنية، وتجسد ملامح ثقافتها الغنية، إذ تتجاوز مجرد الاهتمام بالقطع القديمة، لتكون مرآة تعكس تاريخ الدولة وتطورها عبر العقود، مشيرين إلى أن الطوابع والعملات وحتى المغلفات القديمة تُوثّق لحظات مفصلية في مسيرة الإمارات، وتبرز إنجازاتها وتراثها بأسلوب فني وإبداعي فريد، يعزز الانتماء، ويُعرّف الأجيال الجديدة بجذورها.

وحول تعلقه بهواية جمع الطوابع، التي ورثها منذ 20 عاماً عن والده، قال يوسف أحمد الشامسي، الذي التقته «الإمارات اليوم» في معرض «طوابع ايباكس دبي 2025» الذي اختتمت فعالياته أخيراً في مركز «سيليكون سنترال التجاري»: «أحرص دوماً على الحضور في أغلب المعارض المتخصصة، سواء داخل الإمارات أو خارجها،و

ألتقي خلالها بتجارب ومشاركات متنوعة وثرية، تعكس اهتمامنا بهذه الهواية وسبل الارتقاء بحضورها، إذ سافرت في شهر رمضان الماضي للتعرف إلى مقتنيات معارض بالبحرين وقطر، في الوقت الذي توفر جمعية الإمارات لهواة الطوابع لنا كأعضاء، فرصة إقامة الندوات والمعارض الخاصة، إضافة إلى تشجيع مجموعات هواة جمع الطوابع في المدارس والمعاهد والجامعات على مزيد من الاهتمام بها».

وعن أهم المقتنيات التي يعتز بضمها لمجموعاته النفيسة، أشار إلى البطاقة البريدية الخاصة، التي تحمل توقيع المغفور له الشيخ صقر بن سلطان القاسمي، وتعود لفترة الخمسينات من القرن الماضي، وقد حصل عليها أثناء مشاركته في أحد المزادات، التي يضمها إلى مجموعة من الطوابع البريدية الأولى الصادرة في عام 1973، حيث تُوثّق لأهم المعالم في الدولة، معرباً عن فخره باقتناء أغلب الطوابع البريدية والتذكارية التي تتضمن صور المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه.

ولفت الشامسي إلى أن المغلف أو المظروف البريدي، يكتسب في هذه الهواية أهمية، وقيمة تاريخية وتوثيقية تتفوق على الطابع البريدي أحياناً، مضيفاً: «تكمن أهمية الطابع في ختم مركز إرسال البريد، ليتضمن تاريخَي الإرسال والوصول، اللذين يدرجان على المظروف بالدرجة الأولى، ليوثقا مرحلة زمنية بعينها، ما يُكسبه أهمية تاريخية».

مراحل مختلفة

من جهته، أعرب الإماراتي عامر الزرعوني، الطالب في جامعة «نيويورك أبوظبي»، عن فخره بمجموعته النادرة من الطوابع والمظروفات البريدية التي حرص على تعريف الجمهور بها.

وقال: «أحببت أن يطلع الجميع على أول مظروف بريدي جوي يعود إلى حقب ومراحل مختلفة من تاريخ الإمارات، مثل أول بريد أرسل من دبي في عام 1909، وتاريخ البريد في هذه المنطقة ككل، بداية من بريد الإدارة الهندية والبريطانية، مروراً بالإدارات المحلية في دبي وأبوظبي والشارقة ومن بعدها إدارة البريد الاتحادي، وصولاً إلى بريد الإمارات».

وأضاف الزرعوني: «اعتز أيضاً باقتناء أول مظروف جوي (الإيروغرام) تم رصده في المنطقة وإرساله من دبي إلى لندن في عام 1947، ويحوي أول رسالة من صيدلية في دبي لطلب شراء مجموعة من الأدوية، وهذا أول استعمال موثق لاستخدام المظروف الجوي يرصد حتى الآن».

وحول بدايات تعلقه بهواية جمع العملات والطوابع، توقف الزرعوني عند فترة مبكرة من طفولته تعود إلى أيام مجلة ماجد التي كانت تبيع وقتها كل 100 طابع بريدي بـ10 دراهم، وقال: «حرصت على اقتناء مجموعة لا بأس بها من هذه الطوابع، لكنني لم أكن أقدر قيمتها إلا حين تم إصدار طابع بريدي خاص بمناسبة يوم الشهيد في 2015، حينها، بدأت أجمع أغلب الطوابع البريدية التي صدرت في الإمارات لأضمها إلى رصيد مجموعتي».

مشاركة فاعلة

بينما سلّط عمر محمد أحمد معلمي، أمين سر جمعية الإمارات لهواة الطوابع، الضوء على الدور الذي تضطلع به الجمعية التي تأسست في عام 1996، بهدف تشجيع وتطوير هواية جمع الطوابع والترويج لأهدافها التوثيقية وصولاً إلى الارتقاء بحضورها بشكل أوسع بين الجمهور وفئات الشباب الإماراتي بشكل خاص.

وقال: «نحتفي بالنسخة السادسة من معرض (طوابع ايباكس دبي) الذي يستقطب عشاق ومقتني الطوابع والعملات من دول مجلس التعاون الخليجي ومن دول عدة، إضافة إلى مشاركة عدد من الهواة من الإمارات ودول عربية وأجنبية».

صدارة شابة

من ناحيته، أكّد المشارك في المعرض، يزن أبوالفضل، أن 70% من روّاد المناسبات المتخصصة في مجال الطوابع البريدية وجمع العملات، هم من الشباب الإماراتي، حيث يرتادون بكثافة واضحة، هذه المعارض، سواء كانت داخل الدولة أو خارجها، مضيفاً: «رغم أن هذه الهواية، التي توصف بأنها كانت (هواية الملوك)، إذ كان الملك فاروق من أشهر جامعي الطوابع في العالم العربي، فإنها لم تنل حتى الآن ما تستحقه في عالم الإعلام الرقمي، رغم أنها بدأت مؤخراً بالرواج والمتابعة بين أوساط الشباب الإماراتي الذي التفت إلى أهميتها وقيمتها المعنوية، وبدأ بالمشاركة في المعارض والمزادات والمعارض».

وحول آلية تقييم قيمة الطوابع والعملات القديمة، أشار أبوالفضل إلى اعتمادها من قبل شركة متخصصة في هذا المجال، لافتاً إلى حصوله على رخصة خاصة لمزاولة مهنة بيع العملات والطوابع البريدية القديمة.

وتابع: «لديّ مجموعة نادرة من العملات، مثل الإصدار الأول للدرهم الإماراتي في عام 1973، والإصدارات الخاصة قبل الاتحاد مثل عملة (دبي وقطر)، ومجموعة من المسكوكات الفضية التي صدرت ما بين الأعوام 1975 و2000، كذلك المسكوكات الخاصة بمركز دبي التجاري والاتحاد النسائي العام».

إصدارات متنوعة

ومن بوابة «بريد الإمارات»، روى يامن مصطفى، علاقته الوطيدة بالطوابع البريدية، بحكم عمله في هذا القسم المتخصص الذي تربطه علاقة وثيقة مع جمعية الإمارات لهواة الطوابع، مشيراً إلى وجود نخبة من الشباب المواطنين المهتمين بالطوابع النادرة.

وأضاف: «يمكنني استذكار تجارب محلية فريدة في هذا المجال، منها مكتبة شاب إماراتي في رأس الخيمة يمتلك نوادر الطوابع البريدية التي يقدر ثمنها بما يزيد على ستة ملايين درهم، وهناك شباب يقصدون باستمرار المعارض المتخصصة، سواء في منطقة الخليج العربي أو حول العالم، بحثاً عن نوادر الطوابع البريدية التي تُقدر قيمتها بناء على أهميتها التاريخية وقدمها الزماني واستخداماتها في تلك الفترة».

وحول مشاركة «بريد الإمارات» في معرض «طوابع ايباكس دبي 2025»، توقف مصطفى، عند مجموعة من الإصدارات القديمة والحديثة التي تشمل الطوابع والمغلفات البريدية، مثل الإصدارات الخاصة بمئوية الشاعر الإماراتي الراحل، سلطان بن علي العويس، ومجموعة طوابع جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، ومجموعة طوابع عيد الاتحاد الـ53 ومجموعة طوابع 15 عاماً من مترو دبي.

وأكّد أنه يمكن للمهتمين بهذه الهواية الاطلاع كذلك على الإصدار الخاص بأولمبياد الشطرنج العالمي في دبي عام 1986، ومجموعة طوابع مكتبة محمد بن راشد الخاصة بعام 2023، ومغلف «الإمارات معكم 2015» وغيرها الكثير.

رحلة

ضمن الأنشطة المصاحبة للمعرض، وقع الباحث في التاريخ الإماراتي، أحمد سيف عبدالله الحساوي، كتابه الجديد «طوابع الإمارات.. رحلة في تاريخ البريد»، وفي وصف هذه التجربة، قال الحساوي لـ«الإمارات اليوم»: «لاحظت غياب مرجع شامل يضم جميع الطوابع التي أُصدرت في الإمارات، إلى جانب ملحقاتها مثل مغلفات اليوم الأول للإصدار، الخاصة بمكاتب بريد أبوظبي ودبي وغيرهما، والنشرات البريدية الرسمية، والأختام المستخدمة، والمظاريف الجوية، والكوبونات البريدية، والقرطاسية المعتمدة في مكاتب البريد والأختام التذكارية. من هنا، جاءت رغبتي في تأليف هذا الكتاب، ليسد هذا الفراغ ويوفر مرجعاً موثوقاً لهواة جمع الطوابع والباحثين في هذا المجال»، وأشار إلى أن الكتاب باللغتين العربية والإنجليزية، ويضم دراسات لم يتم التطرق لها في أي كتاب خاص بالطوابع من قبل.


ذكرى عزيزة

أعرب شباب إماراتيون، التقتهم «الإمارات اليوم» على هامش «طوابع ايباكس دبي 2025»، عن حماستهم بالاستعداد مبكراً لمعرض دبي الدولي للطوابع 2026، الذي ستنظمه جمعية الإمارات لهواة الطوابع، تحت رعاية الاتحاد الدولي لهواة الطوابع، وذلك تزامناً مع ذكرى مرور 100 عام على تأسيس الاتحاد الدولي لهواة الطوابع، والذكرى 30 عاماً على تأسيس جمعية الإمارات لهواة الطوابع.

وضمن فعاليات معرض «طوابع ايباكس دبي 2025»، نظّمت جمعية الإمارات لهواة الطوابع، مسابقة محكمة وفقاً للمعايير التحكيمية المعمول بها في الاتحاد الدولي لهواة الطوابع، في الوقت الذي شهد المعرض 44 مشاركة ضمن تسع فئات تنافسية مختلفة، مثل فئة التاريخ البريدي والتقليدي والعرض الموضوعي والمنصة الواحدة والشباب والقرطاسية البريدية والبطاقات المصورة والبطاقات المتناغمة والمطبوعات.

. مشاركون حرصوا على تعريف الزوّار بطوابع تعود إلى مراحل مختلفة من تاريخ الإمارات.

شاركها.
© 2025 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.