على طول نهر النيل، يعيش المصريون وتتدفق المياه التي تجري حياتهم وتنضر أرضهم. تعتبر النيل مصدر حيوي للمصريين، ولهذا السبب تأسست عواصم مصر على ضفافه على مر الآلاف من السنين. وعلى الرغم من تغير الأنظمة السياسية، إلا أن الجميع اتفق على جعل مركز الحكم قريبا من النهر. فالقاهرة، التي تحتفل بعيد ميلادها الـ55، تعد عاصمة تُجاور النيل على ضفته الشرقية، وتظل النهر هو العلامة المميزة للمدينة مهما اتسعت مساحتها.
نهر النيل يمتد داخل مصر على طول 1520 كيلومترًا وينقسم إلى فرعين في نهايته، دمياط شرقا ورشيد غربا، قبل أن يصب في البحر الأبيض المتوسط. يعيش 106 ملايين مصري على هذا النهر الذي يمثل 7.8% من مساحة البلاد. وفي القاهرة، عاصمة مصر الحالية، تعيش حوالي 10 ملايين و300 ألف نسمة على مساحة تزيد قليلا عن 3 آلاف كيلومتر مربع.
تاريخ مدينة القاهرة يعود إلى القرن العاشر الهجري، عندما استقر فيها المؤرخ ابن خلدون وصنفها بألف منارة ومدرج للذر من البشر. بعد سيطرة الفاطميين على حكم مصر، بنوا مدينة جديدة تكون العاصمة للبلاد في العام 969م، وسُميت بالقاهرة على ضفته الشرقية للنيل. تطورت المدينة مع مرور الزمن، واستمرت كعاصمة لمصر عبر العصور المختلفة.
تعتبر القاهرة زاخرة بالآثار والمساجد التاريخية، مثل مسجد عمرو بن العاص ومسجد أحمد بن طولون. يعتبر النيل هو العامل الرئيسي في تكوين حياة المصريين، وتضحون العواصم بجواره لتعكس هذه الأهمية. على مدى آلاف السنين، تم بناء 21 عاصمة لمصر على طول النيل، حيث كان النهر هو العصب الرئيسي للرخاء والحضارة.
يشتهر نهر النيل بدوره في تغذية أراضي مصر وجعلها قادرة على الزراعة والعيش. ومع احتلال اليونانيين لمصر، تم تأسيس العاصمة الشاطئية الأسكندرية على سواحل البحر الأبيض المتوسط، التي استمرت كعاصمة لمصر لمدة تقارب ألف عام، حتى الفتح الإسلامي عام 641م. تألقت الإسكندرية بحضارتها ومعالمها العمرانية الشهيرة، مثل مكتبة الإسكندرية.
على مدى العصور، شهدت مصر تنوعا في عواصمها، مع استمرار نهر النيل في تغذية حضاراتها وتحقيق التقدم والازدهار. إن تاريخ مصر المديد ورابطتها العميقة بنهر النيل تجعلها تحمل ثقل الحضارات المتعاقبة والآثار الشاهدة على تاريخها العظيم. وبفضل هذه العواصم المحاذية للنيل، بقيت مصر واحدة من أعرق الحضارات في العالم، تجسد الحياة التي يمنحها النيل لأرض مصر وسكانها.
