وفي الختام، يظهر لنا أن البلاغة، الفصاحة، والخطابة تشكل ثلاثة مفاهيم مرتبطة ببعضها البعض في عالم البلاغة العربية. بينما تعني الفصاحة خلوص الكلام من التعقيد، تعبر البلاغة عن بلوغ الرجل بعباراته كُنْه ما في قلبه مع الاحتراز عن الإيجاز المخل والإطالة المملة. أما الخطابة، فتعتبر فن الإقناع بلبوس لفظي مع التأثير في عقول المتلقين وعواطفهم. يظهر لنا هذا البث المتشابك بين الفصاحة والبلاغة والخطابة وجود علاقة وثيقة بين هذه الفنون في عالم البلاغة العربية.
وبمرور الزمن، تبين لنا أن الفصاحة تبلورت في أذهان علماء البلاغة بوصفها متعلقة باللسان فهي صفة للكلمة والكلام والمتكلم. بينما تربط كثير من الدارسين بين البلاغة والخطابة، حيث يرى البعض بأن الخطابة فن قائم بذاته يهدف إلى الإقناع والتأثير، يستند إلى البلاغة لتحقيق تأثيراته، ولكنه ليس هو البلاغة. وهكذا، تتشابه وتتفاوت هذه الفنون مع بعضها البعض، وتتعلق بفلسفة الكلام، اللسان، والأداء على التوالي. في النهاية، يكملون معًا في تشكيل ثقافة البلاغة العربية والتأثير عليها واستخدامها في العالم العربي.