منذ حوالي 12 ألف عام قمت مجموعة غامضة من البشر ببناء معبد من الأحجار المتراصة في شمال الجزيرة الفراتية، حيث ظل هذا الهيكل المدفون في تلة غوبكلي على أطراف مدينة أورفة في تركيا. ومؤخرا، أظهرت حفريات أثرية في هذا الموقع أن الزراعة وتربية الحيوانات لم تكن سببا لاستقرار المجتمعات البشرية، بل كانت نتيجة لها، وقد تطورت مجتمعات عاشت قبل 12 ألف عام في مجالات الهندسة المعمارية والفنون.

تمت حفريات في مناطق مختلفة من هضبة الأناضول، كشفت عن أثريات تعود لفترات أقدم مما كان متوقعا، خاصة في موقع “غوبكلي تبة”، الذي يعتبر جزءا من التراث العالمي لليونسكو. يقع “غوبكلي تبة” على بعد 18 كيلومترا من أورفة، وتم اكتشافه لأول مرة في عام 1963، ويجري حاليا حفريات أثرية به برعاية وزارة الثقافة والسياحة التركية. وفي عام 2018، تمت إضافة الموقع إلى قائمة التراث العالمي لليونسكو.

البروفيسور نجم الدين قارول، رئيس فريق الآثاريين الأتراك في “غوبكلي تبة”، أكد أن الحفريات الأثرية في الموقع أظهرت هياكل تعود للعصر الحجري الحديث تمتد لحوالي 1500 عام. وأشار إلى أن وجود هياكل معمارية عامة في الموقع قد غير تصورات العلماء حول المجتمعات القديمة، مؤكدا أن المجتمعات التي كانت موجودة قبل 12 ألف عام كانت قادرة على بناء هياكل معمارية ضخمة.

تمت الحفريات في مشروع “طاش تبة” في مناطق مشابهة لغوبكلي تبة، وأظهرت النتائج أن الأفكار السابقة حول حياة المجتمعات القديمة قد كانت غير دقيقة، حيث اعتبر قارول أن المجتمعات التي اعتمدت على الصيد كانت تبني الحياة المستقرة وتستفيد من الموارد الطبيعية بشكل أفضل. وبالرغم من تبني الحياة المستقرة، فإنهم لم يكونوا على دراية بالزراعة وتربية الحيوانات في تلك الفترة.

يمكن أن تؤدي الاكتشافات في غوبكلي تبة والمواقع المجاورة إلى تغيير كبير في كتابة التاريخ، حيث تشير الأدلة إلى أن المجتمعات التي عاشت قبل 12 ألف عام كانت ذات مهارات بارزة في الهندسة المعمارية والفنون. وتعد هذه الاكتشافات من أهم الاكتشافات الأثرية التي تغيرت من خلالها مفاهيمنا حول الماضي وقدرات البشر القديمة في مختلف المجالات.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.