يعمل فايز تلمساني، وهو من دمشق ويبلغ من العمر 73 عامًا، في صناعة الزجاج المعشق الدمشقي. يروي تلمساني أن هذه الصناعة عمرها آلاف السنين وكانت تستخدم لتزيين القصور والبيوت والمساجد والكنائس. وبالرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة، يحرص تلمساني وأبناء دمشق على تعليم الأخرين هذه المهنة لمنع اندثارها ولإنتاج تحف فنية رائعة.
تعتبر مهنة الزجاج المعشق في دمشق قديمة جدًا، حيث كانت مأخوذة من مهنة تعرف باسم “القمرية”. كان العمال في الماضي يصنعون الزجاج على شكل صفائح لعكس ضوء القمر بشكل أفضل. ويعود تاريخ هذه الصناعة إلى أكثر من 4 آلاف عام، وتتميز بصناعة قطع فنية ذات وجهين نافرين، وهو ما يجعلها فريدة من نوعها في العالم.
تلمساني يحمل سر صناعة الزجاج الدمشقي المعشق بقطع فنية ذات وجهين، ويعمل بجدية على تعليم هذه الصناعة للكثير من الراغبين بالعمل بها. تشتمل روائع الزجاج المعشق على مكونات مثل حاضن الزجاج والجبصين. وتعتبر الجبصين المادة الأسهل والأرخص في تشكيل القطع الفنية والأفضل لأنها لا تتمدد أو تتقلص بتغير درجات الحرارة كالحديد والخشب.
يستخدم تلمساني الزخارف الإسلامية التقليدية في قطعه الفنية، مثل الخيط العربي والمكوك والرخ والنجمة. كما يلتزم بترتيب محدد للألوان التي تحمل معاني فنية وفلسفية مختلفة. يعتبر الصبر والدقة والفن أساس صناعة الزجاج المعشق، ويستخدم تلمساني أدوات بسيطة مثل القلم والمنشار وورق الحف والقاطعة للزجاج في عمله.
تشدد تلمساني على أهمية وجود الزجاج المعشق في البيوت الدمشقية القديمة، حيث يكون ذو وجهين بسماكة تصل إلى 3 سم، مما يجعله قويًا ومتينًا لمقاومة العوامل الجوية. وفي النهاية، يسعى تلمساني وغيره من العاملين في هذه الصناعة إلى حفظ هذا الفن التقليدي وتعليمه للأجيال الجديدة لضمان استمراريته في ظل التحديات الاقتصادية الحالية.