قالت صحيفة نيويورك تايمز إن آلاف المهاجرين غير النظاميين من فنزويلا وبلدان أخرى تقطعت بهم السبل جنوب المكسيك، بعد أن منعتهم السلطات من العبور إلى الولايات المتحدة تحت ضغوط من إدارتي الرئيس دونالد ترامب وسلفه جو بايدن.
وأضافت أن هؤلاء المهاجرين ممنوعون من السفر أو العمل، وليست لديهم أوراق ثبوتية أو المال الذي يعينهم على العودة إلى بلدانهم الأصلية.
وفي تاباتشولا، وهي مدينة شديدة الحرارة تتبع ولاية تشياباس أقصى جنوب المكسيك، شاهد مراسل الصحيفة حشدا من الناس يتدافعون تحت هجير الشمس الحارقة نحو مسؤول الهجرة طمعا في الحصول على مقعد في رحلة جوية تعيدهم إلى دولهم.
ولم يكن هؤلاء يحاولون الوصول إلى الولايات المتحدة كما كان يأمل العديد منهم منذ وقت ليس ببعيد، بل يرغبون في العودة إلى وطنهم فنزويلا، أو ببساطة الهروب من تلك المدينة لكنهم لم يكونوا يملكون جوازات سفر أو وثائق أو وسائل للمغادرة.
وأفادت الصحيفة في تقرير أن هناك ما بين 8 آلاف و10 آلاف مهاجر منتشرين في جميع أرجاء تشياباس، من بينهم مالا يقل عن 3 آلاف فنزويلي لا يزالون عالقين في تاباتشولا التي كانت ذات يوم بوابة للمهاجرين غير النظاميين القادمين من غواتيمالا.
ومنذ فترة ليست بالبعيدة، كان الآلاف يتجولون في شوارعها ويتكدسون في الملاجئ وينامون في الساحات والحدائق والساحات العامة.
ما يحدث جنوب المكسيك جزء من موجة هجرة عكسية متزايدة آثر المهاجرون الخيار المؤلم بالعودة إلى البلدان التي فروا منها ذات يوم، وهي أماكن تنوء تحت وطأة العنف والفقر وتغير المناخ، وقد تخلوا عن أحلامهم في حياة أفضل، على الأقل في الوقت الحالي
لكن الهدوء يسود المدينة الآن، حيث بدت الملاجئ فارغة، وباتت المتنزهات مهجورة بعد أن كانت تكتظ بالعائلات. فقد بدأ المهاجرون رحلة العودة بالحافلات أو سيرا على الأقدام أو سباحة عبر نهر سوشياتي إلى غواتيمالا وبلدانهم الأصلية.
وطبقا للصحيفة الأميركية، فإن ما يحدث جنوب المكسيك جزء من موجة هجرة عكسية متزايدة آثر المهاجرون الخيار المؤلم بالعودة إلى البلدان التي فروا منها ذات يوم، وهي أماكن تنوء تحت وطأة العنف والفقر وتغير المناخ، وقد تخلوا عن أحلامهم في حياة أفضل، على الأقل في الوقت الحالي.
بيد أن آلافا آخرين ممن بقوا في تاباتشولا لا يستطيعون فعل أي شيء سوى الانتظار نظرا لافتقارهم للوثائق الثبوتية أو الموارد اللازمة. وذلك أن القيود التي تفرضها المكسيك على الهجرة، والتي أُجبرت على تبنيها بضغط من إدارتي بايدن وترامب، تمنعهم حتى من مغادرة المدينة، ولا يمكنهم العودة بسهولة إلى فنزويلا أيضا.
وقد كثفت الحكومة المكسيكية جهودها في الأشهر الأخيرة لوقف تدفق المهاجرين المتجهين نحو الحدود الأميركية، وذلك في محاولة منها لتفادي الرسوم الجمركية القاسية التي هدد ترامب بتطبيقها.
وتشير الصحيفة إلى أن الفنزويليين هم الأكثر توقا لمغادرة المكسيك، لكنهم يواجهون أصعب العقبات، حسب تعبير إدوارد كاستييخوس وكيل شؤون الهجرة على حدود المكسيك الجنوبية الذي قال إن هؤلاء المهاجرين لم تعد لديهم بدائل لعدم وجود موارد ولا وثائق سفر، ولذلك هم في وضع قاتم للغاية.
وتفيد نيويورك تايمز -نقلا عن مسؤولة كانت تتحدث إلى المهاجرين رفضت الإفصاح عن اسمها- بأن هناك آلاف الأشخاص على قائمة الانتظار للحصول على رحلة إلى فنزويلا.
ولا يُسمح للمهاجرين في تاباتشولا بمغادرة المدينة أو الولاية دون تصريح خاص يُمنح بعد تقديم طلب اللجوء، وهي عملية قد تستغرق شهورا.

ومن بين الأشخاص الذين تقطعت بهم الأسباب في تلك المدينة نساءٌ أنجبن أطفالا في أماكن مثل بيرو وكولومبيا أثناء رحلتهن الطويلة من فنزويلا. ويحمل هؤلاء الأطفال الآن جنسيات دول مختلفة، لكن دون أوراق رسمية تثبت هويتهم.
وأعربت باتريشيا مارفال (23 عاما) وهي فنزويلية حامل في شهرها الثامن، ولديها 3 أطفال، عن توقها لمغادرة المدينة المكسيكية، لكنها تقول إنها لا تستطيع ولا تعرف ماذا تفعل.
وأضافت أنها أنجبت طفلها البكر الذي يبلغ من العمر 7 سنوات في فنزويلا، والثاني (4 سنوات) في كولومبيا، والثالث في بيرو ولم يتجاوز عامه الأول بعد.
وتقول مارفال إنها محطمة بسبب إحساسها باليأس، وكشفت أنها فكرت في بعض الأحيان في الانتحار، لكنها امتنعت عن ذلك خوفا على أطفالها.