قبيل ومع حلول شهر رمضان المبارك شنّ الاحتلال حملة ضد العاملين في الحقل الصحفي بالقدس، وأشهر بوجههم سلاح الإبعاد عن المسجد الأقصى سعيا لحجب صورة الانتهاكات اليومية التي تنفذها الشرطة والمستوطنون في الساحات من جهة، ولوأد تصدير الأجواء الروحانية الاستثنائية بعدسات المصورين والتي تتصدر منصات التواصل الاجتماعي خلال الشهر الفضيل من جهة أخرى.

ولأن توثيق الاعتداءات على الأقصى والمرابطين والمصلين فيه، كان محركا لكثير من الهبّات الشعبية وبعض الحروب مع غزة -وفق مهتمين بشؤون القدس- أصرّ الاحتلال هذا العام-ضمن حملة الإبعادات الاحترازية-على إبعاد فئة الصحفيين والمصورين الذين تسلم عدد منهم أوامر إبعاد قبيل رمضان وبشكل يومي منذ حلوله.

ادعاءات واهية

الصحفي المقدسي باسم زيداني الذي يعمل بشكل حر مع عدد من وسائل الإعلام كان أحد من خضع قسرا لهذه العقوبة، ويقول في حديثه للجزيرة نت إنه وعلى غير العادة تمّ إبلاغه بقرار إبعاده عن المسجد الأقصى هاتفيا مساء يوم السبت الذي وافق الأول من شهر رمضان، وطُلب منه الحضور لتسلّم القرار يوم الاثنين في مركز “القِشلة” التابع لشرطة الاحتلال في البلدة القديمة من القدس.

“سلّمني ضابط الشرطة المسؤول عن منطقة البلدة القديمة قرار الإبعاد، مدعيا وجود ملف سري لدى الشرطة وجهاز الأمن العام (الشاباك) يفيد بأن تواجدي داخل المسجد الأقصى المبارك من شأنه إثارة المشكلات”.

تسّلم زيداني قرارا يقضي بإبعاده عن المسجد والأروقة المؤدية إليه لمدة أسبوع على أن يعود لمقابلة الضابط المسؤول بعد انقضائه، لاستلام آخر تُمدد فيه هذه العقوبة من 3 إلى 6 أشهر.

وحول كيفية تأثير هذا القرار على عمله كصحفي، أشار زيداني إلى أن هذه العقوبة -التي يخضع لها للعام الثاني على التوالي خلال شهر رمضان- تقيده وتقيد حركته كثيرا، لا سيما أن المبعدين يكونون عرضة للتوقيف في كل مرة يتواجدون فيها داخل البلدة القديمة.

12 إبعادا في أيام

وتسلم المصور الصحفي سيف القواسمي هو الآخر قرارا بإبعاده عن المسجد الأقصى قبل أسابيع، وكان ذلك القرار هو السادس، إذ اعتاد هذا الشاب أن يتسلم قرارا بإبعاده عن هذا المقدس مرة كل عام منذ عام 2020.

وفي التفاصيل أفاد القواسمي في حديثه للجزيرة نت أن شرطة الاحتلال أوقفته إذ كان يسير بمركبته غربي القدس، وبعد توقيفه لمدة ساعة طلبوا منه الحضور في اليوم التالي لمركز القِشلة في العتيقة، وهناك تمّ تسليمه قرارا بالإبعاد عن الأقصى لمدة أسبوع، لكن الحظ حالفه هذه المرة بعدم تمديد هذه العقوبة.

وعن الضرر الذي يقع عليه جراء خضوعه لها قال القواسمي “المنطقة التي أعمل فيها بشكل أساسي ويومي هي المسجد الأقصى والبلدة القديمة، وبإبعادي عنهما يتوقف عملي بشكل شبه كامل وأخسر مصدر رزقي”.

يذكر أنه في شهر فبراير/شباط المنصرم استدعت مخابرات الاحتلال عشرات المقدسيين وخاصة أولئك الذين تحرروا في صفقة تبادل الأسرى الأخيرة، وسلمتهم أوامر إبعاد عن أولى القبلتين، كما أُبعد عدد من الصحفيين والصحفيات أحدثهم نادين جعفر التي اعتُقلت -مساء أمس الثلاثاء- من أمام المصلى القبلي داخل الأقصى وسُلمت أمرا بالإبعاد عنه.

ورصدت الجزيرة نت 12 حالة إبعاد عن المسجد الأقصى منذ بداية شهر رمضان، ومن المرجح أن العدد أكبر من ذلك نظرا لتكتم بعض المقدسيين وتفضيلهم عدم تمرير هذه المعلومة لوسائل الإعلام خوفا من الملاحقة.

انتقام

المحامي المختص في قضايا القدس خالد زبارقة قال للجزيرة نت إنه لا يجد وصفا لعقوبة الإبعاد عن الأقصى “سوى أنها قرارات تعسفية لا تمت للقانون بصلة، ولا يوجد لها أي هدف سوى تطبيق النزعة الانتقامية الموجودة الآن عند السلطات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين وخاصة الأسرى المحررين”.

أما الأكاديمي والحقوقي منير نسيبة فأكد أن الإبعاد عن الأقصى يعتبر “انتهاكا للحق في العبادة والوصول للأماكن الدينية وفقا للقانون الدولي، كما يحد من حرية المواطنين في التنقل داخل وطنهم دون قيود”.

وأضاف “كلما وجد الاحتلال أنه يريد المس بالوضع القائم بالمسجد الأقصى، وتنفيذ مخططات تهويدية يبعد الشباب أكثر عنه”.

شاركها.
© 2025 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.