مع أي جدل حول ظاهرة كونية، يمكن لذلك الجدل تجديد، وإفاقة عقولنا المتكلسة من أجل تقدير الله حق قدره «وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ» (67) الزمر.

فمعظم الناس يتعاملون مع الله في الحدود الدنيا من المعرفة، وكل المنتمين للديانات الثلاث رسّخوا في أذهان التابعين أو المنتمين (لكل دين) صورة مبسطة عن خالق الكون، والقصص الدينية مجتمعة، تحركت في فضائها المعرفي المحدود وفق أزمنتها، فأمسكت الأذهان تصورات محددة، لا تبتعد تلك الصور عن الحدود الدنيا للخالق.

ومع تشابك الديني والأسطوري في مرويات بسيطة عبر الزمن، كانت فيها الأسطورة هي خارطة الطريق حتى بعد نزول الرسالات السماوية، التي أرادت إحداث طفرة توعوية لتأسيس النظرية المعرفية التي يبنى عليها لكشف أسرار الكون، ومع مرور الزمن وتراكم الخبرات والمعرفة، سخّر الله عقولاً فذة، لتصل إلى فتق أسرار لم تكن في عقول رجال الدين البسطاء.

وتشهد وقائع تاريخية أن علماء أفذاذاً (علماء العلوم) نقلوا العالم من الحركة البسيطة البطيئة إلى عالم العلم المتسع والمتحرك الذي لا يقف عند نقاط للتوقف.

ولأن المجمعات الدينية (معتنقو الديانات الثلاث) حولوا الدين إلى سلطة لا يرغبون لأحد الافتكاك من سطوتهم (وهذه النوعية تطالب المنتمين أن لا يقرؤوا شيئاً خارج نهجهم)، لذلك تمّت محاربة كل من أبحر في أسرار الكون، إبحاراً به تقدير لحق الله، من خلال مكتشفاتهم، واختراعاتهم، قلّموا العلوم، ونقلوا ما هو مجرد إلى واقع أصبح الناس يتعاملون مع ذلك المستحيل على أنه بديهي.

والآن نعلم من خلال النظريات، واكتشاف المجرات أن الكون في حالة انفجار دائماً، وبشكل مستمر، ومع هذا العلم التطبيقي، لا يزال ثلة من الناس تظن أن الكون لا يحمل من عاقل إلا هم، وألغوا مخلوقات لا يعرفون عنها شيئاً، فالتفكير السائد هو تفكير الغر الذي بصر على إلغاء الموجودات التي لا تشابهه أو تماثله.

وإذا قيل له إن مجرة من المجرات تبتعد عنك ألف سنة ضوئية، فماذا تزن الأرض بجرمها وكل مخلوقاتها أمام خلق الله غير المنتهي؟

أخبار ذات صلة

 

بالنسبة لي أؤمن أن هناك ملايين المخلوقات العاقلة، ومهم جدّاً أن لا نقيس العقل بما تواطأت عليه المعارف البسيطة، ونعلم أن الإنسانية عبر التاريخ إلى ما قبل مائة سنة بمفهوم الأبعاد الثلاثة، وعندما نبه أينشتاين بوجود البعد الرابع (الزمن) تغيرت مفاهيم كثيرة، فكيف بنا ونحن نقرأ أن الأبعاد أصبحت 12 بعداً.

لا تغتروا بهذه الأرض ومخلوقاتها، فالله عندما خلق لم يستفتِنا في خلقه، فخلق ما نعلم وما لا نعلم، وهناك أمم عجزنا عن حصرها في أرضنا، فكيف نتطاول على إلغاء مخلوقات سابحة في الكون، لها علمها، ووجودها.

وعلى الأقل نحن كأمة القرآن علينا أن نؤكد وجود عوالم في الأرض والسماء سيأتي زمن للتواصل مع تلك الأمم. ويكفي أن نقرأ هذه الآية:

«وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ» (38) الانعام.

(بجناحيه) أفهم منها أن أي أمة تتواجد خارج فضائنا الأرضي لها وجودها الخاص بها، فكم من مليارات الأنجم، وآلاف المجرات السابحة في خلق الخالق.

فلا نغتر بأنفسنا، والكف عن اليقين بأن الله لم يخلق من عقلاء سوى الإنس والجن، نحتاج إلى تقدير الله حق قدره.

شاركها.
© 2025 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.