في حياة الأمم والشعوب محطات مضيئة، لطالما ألهمت الحضارات الإنسانية، وأوقفت المؤرخين عندها للفحص والدراسة والوقوف على حقيقة وأسرار النجاح الذي نافس العالم في المجالات كافة، وما رؤية المملكة 2030، عن المنصفين ببعيد؛ فها هي النتائج ظاهرة وضوح الشمس في ضحاها لتجدد التأكيد على مكانة هذا البلد ودوره؛ حيث الوفود التي تتوالى على المملكة من أرجاء العالم بعد أن أصبحت الرياض طرفا أصيلا في حل النزاعات الدولية واحتواء الخلافات.
دروس تتجدد للداخل والخارج
وما يوم التأسيس سوى دروس للداخل وللجوار والخارج، منذ أن صدر الأمر الملكي الكريم من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود بأن يكون يوم 22 فبراير يوماً للتأسيس وهو اليوم الذي يرمز إلى العمق التاريخي والحضاري والثقافي للمملكة العربية السعودية عندما أسس الإمام محمد بن سعود الدولة السعودية الأولى عام 1139ه / 1727م، ومنذ ذلك الأمر الكريم دأبت المملكة مؤسسات وشعباً على إرساء الفعاليات السنوية للاحتفاء بهذه المناسبة.
حصاد متواصل لغرس معطاء
وتحمل احتفالات يوم التأسيس العام الحالي أهمية خاصة، فعلى المستوى الداخلي يواصل مواطنو المملكة حصد ما غرسته أيادي الدولة المباركة من إنجازات شملت القطاعات كافة، من تطوير منظومة النقل بإجراءات عملية كان من بينها إطلاق مترو الرياض، وتطوير شبكات الطرق في مناطق المملكة كافة؛ ما انعكس بدوره على الترابط الاجتماعي بين أبناء المملكة من ناحية وعزز قوة سلاسل الإمداد من ناحية أخرى، فضلا عما يحمله ذلك من أثر إيجابي على قطاع السياحة وتحقيق المزيد من الاستقرار.
بناء البشر قبل الحجر
كذلك لا ينفصل يوم التأسيس والاحتفالات المرافقة له، عن تجديد التذكير بدور القيادة في بناء ذلك الوطن؛ حيث قدمت المملكة بفكر ملوكها المتعاقبين حتى العهد المبارك، البشر على الحجر، وليس أدل على ذلك من الإجراءات القائمة بشأن منظومة التعليم التي تتجاوز الاهتمام بالدراسة والبنية التحتية للتعليم في الداخل إلى إيفاد البعثات عبر برامج الابتعاث النوعية إلى الخارج، وقد توجت المملكة رسالة التعليم بربطها بمنظومة القيم العليا لها؛ من خلال المزج بين التاريخ والتراث والأصالة والمعاصرة بعد إلزامية الزي السعودي في المدراس؛ في درس عملي للأجيال المتعاقية.
حقوق الإنسان في أسمى معانيها
وترتكز حالة الاحتفاء الجمعي التي تسود المملكة في تلك المناسبة الغالية على عاطفة تاريخية نابضة بين الشعب السعودي المخلص وقيادته التي تقدم للإنسانية أسمى دروس العطاء وتكرس حقوق الإنسان في أسمى معانيها انطلاقا من قيمة ثاتبة في رؤية المملكة 2030، مفادها أن المواطن مشارك أساسي في البناء، فضلاً عن أسباب عملية أخرى تدفع المواطنين إلى إزكاء تلك المناسبة ومفادها، ما يلمسه المواطنون في المجالات كافة؛ بعد أن أصبحت الحياة في المملكة ترجمة عملية للدولة النموذج، ويرسخ ذلك شهادات الوفود الدبلوماسية وقاصدي المؤتمرات الدولية الذين يقصدون البلاد؛ والذين طالما حرصوا على توثيق شهاداتهم بحق المملكة إعلاميا وتاريخيا.
فرص حقيقية للجميع
يتسق الاحتفال بيوم التأسيس كذلك مع ما تحقق في الجانب الاجتماعي في المملكة، التي أزكت قيادتها قيمة الأسرة وترابط المجتمع بإجراءات عملية، حيث تجديد التأكيد على فاعلية دور وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية والبرامج ذات الصلة بالتوطين وتوفير فرص عمل حقيقية لأبناء وبنات المملكة التي عملت على حل مشكلة البطالة من المنبع بتوجيه الطلاب منذ مراحل الدراسة بالتخصصات الأنسب لهم وفق منظومة شديدة الدقة، كذلك شجعت الدولة الدور الاجتماعي لعالم الأعمال ودعمت القطاع الثالت بتعزيز دور الجمعيات الأهلية وفق إطار قانوني مع دعم إجراءات التطوع.
استقرار الدولة المباركة
ويجدد الاحتفاء بيوم التأسيس ترسيخ حالة الاستقرار التي تتمتع بها الدولة المباركة، والتي وصلت إلى منظومة أمنية منافسة دوليا، بعد أن أشركت المواطن في معادلة الأمن والأمان وشجعت تقديم البلاغات عن أية مخالفات مهما كانت صغيرة مما جعل المواطن عنصرا فاعلا بالتوازي مع دور رجال الأمن يعضد ذلك الدور ويدعمه، ويدرك تماما بناء على المنظومة التشريعية الحفاظ على حقوق المبلغين والشهود، ناهيك عما يرتبط بالاستقرار الأمني من الأدوار الفعالة للمنظومة العدلية التي تباشرها وزارة العدل والتي ضمنت العدالة الناجزة وإحقاق المساواة بين الجميع، فضلا عن تسهيل إجراءات التقاضي بتهيئة الإجراءات التقنية للمحامين وتسريع إنجاز مهامهم.

شهادات دولية منصفة
شهادات دولية تتوالى من مؤسسات عالمية بشأن المملكة على مستوى الاقتصاد والسياسة والاستقرار، بعد أن أصبحت رؤية المملكة 2030، نجاحا يستحق الدراسة، وطالما ألهمت الكثير من التجارب التنموية حول العالم.. وما كان ذلك ليتحقق سوى بقيادة واعية أدركت استباقيا دور بلاد الحرمين الشريفين إزاء الإنسانية وشعب مخلص أدرك كذلك قيمة وطن صان الدين والمقدسات وحافظ على ثروات أحسن إدراتها بعلم وحكمة، ليكون لسان حال كل سعودي يردد من قبله «دامت مملكة العطاء».