مراسلو الجزيرة نت
غزة- وجد النازح الثلاثيني باسل النخالة في مصنع صغير لإعادة تدوير البلاستيك في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة فرصةَ عمل تساعده على تدبير شؤون أسرته واحتياجاتها الأساسية.
ويقيم النخالة وعائلته (7 أفراد) على مقربة من هذا المصنع الذي يعيد صاحبه أيمن قديح تدوير مخلفات البلاستيك من غالونات وعبوات، وبراميل مياه دمرتها قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال اجتياحها البري لخان يونس مطلع ديسمبر/كانون الأول 2023، حيث استمرت عمليتها العسكرية بهذه المدينة 4 أشهر.
وكان هذا المواطن -الذي نزح مع أسرته من مدينة غزة- يعمل سباكا قبل اندلاع الحرب على القطاع عقب عملية “طوفان الأقصى” في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، مما اضطره للنزوح وفقد عمله ومصدر دخله الوحيد.
مصدر رزق
لم يسبق لباسل العمل في مثل هذه المهنة، ويقول للجزيرة نت إن مهمته في المصنع هي فرز مخلفات البلاستيك وتصنيفها حسب نوعها وشكلها، وتجهيزها لبقية مراحل إعادة التدوير من قص وفرم وصهر، ومن ثم إعادة تصنيعها من جديد حسب السلعة المطلوبة.
وقد تعرض منزله في مدينة غزة للتدمير، ولا يزال نازحا في خان يونس، ويأمل ألا تتأخر عملية إعادة الإعمار وبناء المنازل المدمرة.

ويتحدث بقهر عن حجم الدمار الذي ألحقته الحرب الإسرائيلية بالمنازل السكنية والمنشآت العامة والخاصة، ويقول “عمري 32 عاما وعشت حياتي في الحروب والحصار، وكلما بنينا تأتي حرب وتدمره. خسرت عملي وليس لدي أي مدخرات تساعدني على إعالة أسرتي”.
وقد تسببت الحرب في ارتفاع غير مسبوق بمعدلات الفقر والبطالة جراء التدمير الهائل الذي طاول منشآت صناعية وتجارية، وحالة النزوح الكبيرة التي عصفت بآلاف العمال والحرفيين.

خسائر
بدوره، خسر قديح مصنعا له في بلدة خزاعة شرق خان يونس، ويقول عاصم نجله للجزيرة نت إن قوات الاحتلال جرفته ودمرته وكبدتهم خسائر فادحة، لافتا إلى أن هذا المصنع كان مصدر رزق العائلة الوحيد، وكذلك عدد من العمال والأسر، وقد تسببت الحرب في تشريدهم.
وإثر انسحاب قوات الاحتلال من خزاعة، تمكن قديح وأبناؤه من انتشال واستصلاح بعض الآلات، واستأجر آلات أخرى افتتح بها هذا المصنع في مدينة خان يونس، والذي يعتمد في عمله على إعادة تدوير مخلفات البلاستيك، وهي كميات هائلة خلفها التدمير الواسع الذي مارسته قوات الاحتلال للمنازل السكنية والمنشآت العامة والخاصة.
وتمنع دولة الاحتلال إدخال المعدات والآلات والمواد الخام، وتفرض عليها قيودا مشددة تحول دون عودة عجلة الصناعة للدوران من جديد بالقطاع الذي يعاني -منذ سنوات طويلة سبقت الحرب- من حصار حاد وقيود خانقة على معبر كرم أبو سالم التجاري الوحيد الخاضع للسيطرة الإسرائيلية الكاملة.

أزمات
ويضيف عاصم أنهم يواجهون في عملهم أزمات كثيرة ومركبة، منها عدم توفر الوقود اللازم لتشغيل مولدات الكهرباء التي يعتمد عليها المصنع بشكل أساسي لتدوير الآلات، في ظل الانقطاع التام للكهرباء منذ اندلاع الحرب.
وأشار إلى أنهم ينتجون كميات من السولار والبنزين المستخلصة من إذابة البلاستيك، ولكنها ليست بالجودة المطلوبة، ولا تسد العجز الكبير جراء استمرار قيود الاحتلال على الوقود الوارد للقطاع.
وتتهم السلطات المحلية التي تديرها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الاحتلال بالتلكؤ والتنصل من تنفيذ التزاماته التي ينص عليها البروتوكول الإنساني ضمن اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 19 يناير/كانون الثاني الماضي، ولا تزال إسرائيل تمنع تزويد القطاع باحتياجاته الإنسانية، ومن بينها الآلات والمعدات الثقيلة والوقود.