لا يزال مستقبل سوريا غامضا في الوقت الذي تواجه فيه البلاد تحدي عودة ملايين اللاجئين الذين نزحوا بسبب الحرب التي دامت أكثر من عقد من الزمن، فهناك أكثر من 6 ملايين لاجئ سوري في الخارج و7 ملايين نازح داخل البلاد.
وناقش تقرير نشرته مجلة فورين أفيرز تفاصيل هذه المعضلة، وأشار إلى أن العديد من السوريين عادوا بالفعل، آملين لم شمل العائلات وإعادة بناء وطنهم، خصوصا بالنظر للمصاعب الاقتصادية في البلدان المضيفة.
اقرأ أيضا
list of 2 items
ماذا تفعل 3200 طائرة دفاعية في صحراء أريزونا؟
إندبندنت: حلم ترامب بشأن غزة قد يتحول إلى كابوس للغرب
end of list
وبحلول نهاية 2024، عاد ما يقرب من 500 ألف لاجئ، بما في ذلك 350 ألف لاجئ هربوا من الغزو الإسرائيلي للبنان، كما عاد 125 ألفا آخرين في أوائل عام 2025، وهناك توقعات بعودة المزيد، إما طواعية أو بسبب الترحيل من الدول المضيفة التي تواجه ضغوطا اقتصادية وسياسية، وفق التقرير.
تفاصيل التحديات
ولكن المشكلة -برأي المجلة- تكمن في أن معظم العائدين داخل سوريا لن يجدوا مكانا يعودون إليه، فقد دمرت أحياء بأكملها في مدن مثل حلب والرقة بسبب قصف النظام المخلوع، وانكمش الاقتصاد بنسبة 80%، وهناك نقص حاد في الخدمات الأساسية مثل الرعاية الصحية والكهرباء والمياه النظيفة.
وأضاف التقرير أن انتشار البطالة والتضخم المتفشي أدى إلى ارتفاع معدل الفقر إلى 90%، كما قد يتسبب افتقار البلاد إلى البنية التحتية الأساسية بما في ذلك المدارس والمؤسسات بتعقيد إمكانية إعادة الإدماج الجماعي للنازحين.
إعلان
وحسب التقرير، الذي كتبه جيسي ماركس من منظمة اللاجئين الدولية وحازم ريحاوي من الدفاع المدني السوري؛ يجد العديد من العائدين منازلهم محتلة أو مدمرة أو مسكونة، مما قد يؤدي إلى نزاعات على الأراضي والمزيد من الاضطرابات، وتفاقم الوضع الهش في سوريا.
تعاون شامل
وحث كاتبا التقرير على وضع برنامج منسق لعودة اللاجئين يشمل حكومة تصريف الأعمال في سوريا والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، والبلدان المجاورة مثل تركيا ومصر ولبنان والأردن، وقد أثبت هذا النهج نجاحه في أفغانستان والعراق.
ومن شأن مثل هذا الإطار أن يحمي العائدين ويحل النزاعات المتعلقة بالملكية ويدمج السوريين في عملية إعادة إعمار البلاد، كما يرى الكاتبان.
وأكمل التقرير بأن على البلدان المضيفة وقف عمليات الترحيل القسري والسماح لوكالات الأمم المتحدة بالإشراف على عودة السوريين الطوعية إلى الوطن، وإعطائهم خيار العودة إلى البلد المضيف إذا ما وجدوا أن الأوضاع لا تزال غير صالحة للمعيشة.
وقال التقرير في هذا الصدد إن على المجتمع الدولي ومفوضية شؤون اللاجئين تحفيز الدول على الوفاء بهذه الالتزامات عبر ربط المساعدات الإنسانية التي تتلقاها بالامتثال لخطة إعادة اللاجئين، وذكر التقرير حزمة المساعدات التي قدمها الاتحاد الأوروبي للبنان في 2024، والمساعدات الإنسانية التي يتلقاها الأردن من الولايات المتحدة سنويا والبالغة 1.2 مليار دولار.
وأكد التقرير كذلك ضرورة تمويل الخطة، مشيرا إلى أنه على الأمم المتحدة والمانحين الدوليين، بما في ذلك دول الخليج، تقديم حوافز مالية لضمان العودة الآمنة والتدريجية.
وأضاف الكاتبان أن إدارة هذه الأزمة تتطلب إعادة بناء المؤسسات السورية لتقديم الخدمات والتوسط في النزاعات، وبالتالي فعلى منظمات المجتمع المدني -التي كان لها دور حاسم في تقديم المساعدات طوال فترة الحرب- مواصلة دعم جهود إعادة الإدماج.
إعلان
وشدد التقرير على ضرورة التخلي عن الشكوك الدولية تجاه القيادة الجديدة في سوريا من أجل نجاح خطة إعادة النازحين، وإلا فإن هناك خطر اندلاع صراع آخر يهدد حياة السوريين.
وحذر التقرير ختاما من أن نافذة فرصة إعادة إعمار سوريا من دون المزيد من الصراعات آخذة بالانغلاق، وتكلفة التقاعس باهظة الثمن، وستؤثر على السوريين والبلاد المحيطة لأجيال.