واشنطن- مثل التعهد الذي عبر عنه ملك الأردن عبد الله الثاني خلال لقائه الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالبيت الأبيض أمس الثلاثاء بتقديم الجانب المصري خطة عربية قريبا بشأن قطاع غزة نجاحا دبلوماسيا للمسعى الذي يرمي إليه ترامب.

ورأى بعض المراقبين أن ترامب يدرك منذ البداية صعوبة تحقيق طرح تهجير سكان غزة، إلا أنه نجح في دفع الدول العربية إلى التدخل المباشر في أزمة ترددوا في الاقتراب منها بصورة مباشرة.

وبعدما كرر ترامب مطالبه العلنية لمصر والأردن بضرورة قبول تهجير أهل غزة إليهما، وما أضافه من أن بلاده ستسيطر على القطاع، وأن الفلسطينيين لن يرجعوا ليعيشوا في القطاع بعد إعادة الإعمار، بدا ترامب كأنه في انتظار ما ستقدمه الدول العربية من بدائل لإعادة الإعمار وإدارة قطاع غزة.

تقديم بدائل

وخلال الفترة الأخيرة غير ترامب من لغة الحديث عن مستقبل قطاع غزة، ومفاوضات وقف إطلاق النار، وهو ما يتماشى إلى حد كبير مع أسلوبه المعهود في التفاوض والمتمثل في تصعيد الموقف، وخلق ضغوط، ورفع سقف المطالب، بما يرمي بمسؤولية إيجاد الحلول العملية على الأطراف الأخرى.

وخلال الأسابيع الماضية، اتبع ترامب هذا النهج التصعيدي مع كولومبيا وكندا والمكسيك، ومن ثم عاد وخفف من حدة الضغوط بعد أن قدمت تلك الدول تنازلات بسيطة ومقبولة.

إعلان

وبعد تكرار ترامب لطرحه، أشار بعض مساعديه إلى أنه كان يأمل تحفيز تحرك من قبل دول المنطقة التي لم تقدم في رأيه أفكارها الخاصة عما يجب فعله مع غزة.

وقال مستشار الأمن القومي مايكل والتز خلال ظهوره في برنامج “قابل الصحافة” يوم الأحد الماضي “تعال إلى الطاولة بخطتك إذا لم تعجبك خطته”، مشيرا في ذلك إلى خطة ترامب بتهجير سكان قطاع غزة.

في الوقت ذاته، عبر عدد من كبار أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين، والمعروف عنهم القرب الشديد من ترامب، عن شكوكهم في طرح ترامب، وعبروا عن تطلعهم إلى رؤية بدائل تقدمها الدول العربية.

وقال السيناتور جون كورنين “إن ترامب بدأ النقاش، ويأمل أن يكون الأردن والإمارات العربية المتحدة ومصر والمملكة العربية السعودية جادين في توفير نوع من قوة أمنية متعددة الجنسيات لغزة”.

نعم ولكن

وعلى موقع معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، المعروف بقربة من الجانب الإسرائيلي، كتب المساعد الخاص السابق للرئيس باراك أوباما لشؤون السلام في الشرق الأوسط السفير دينس روس، والمسؤولة السابقة بوزارة الدفاع ودانا سترول، أن الباب لا يزال مفتوحا أمام القادة العرب للانتقال من “لا” القاطعة لاقتراح ترامب بشأن غزة إلى “نعم، ولكن”.

ونصح المسؤولان الحكام العرب بأن “يكونوا واضحين بشأن الخطوات التي يعتزمون اتخاذها وما سيطلبونه من الإدارة الأميركية لاتخاذ تلك الخطوات. وسيتطلب ذلك من القادة العرب تقديم خطوات سياسية وإجراءات عملية على الأرض من شأنها أن تجعل إعادة الإعمار ممكنة ونهج اليوم التالي لغزة ممكنا”.

ومن بين نصائح روس وسترول أن تتحمل الدول العربية مسؤولية تحقيق إصلاح حقيقي داخل السلطة الفلسطينية كي تصبح بديلا عمليا وقابلا للحكم في غزة، إضافة إلى تقديم مقترحات جماعية وعملية حول دور الدول العربية الخمس المعنية (مصر، الأردن، قطر، السعودية، الإمارات) في تشكيل قوات لحفظ الاستقرار في غزة، واستعادة الخدمات الصحية والنشاط التجاري، وتوفير الإشراف الإداري خلال عملية إعادة الإعمار.

إعلان

اتفاقيات ثنائية

وفي الوقت الذي قلل فيه ترامب من أهمية رفض مصر والأردن قبول تهجير الفلسطينيين تحت أي ظرف من الظروف، حتى لو كان ذلك يعني قطع المساعدات الأميركية للدولتين، عاد ترامب ليلمح إلى ضرورة أن تتذكر مصر والأردن تلقيهما مليارات الدولارات من المساعدات الأميركية سنويا.

وقال ترامب “أنا أتحدث عن البدء في البناء وأعتقد أنه يمكنني إبرام صفقة مع الأردن، أعتقد أنه يمكنني إبرام صفقة مع مصر. فكما تعلمون، نحن نمنحهم مليارات ومليارات الدولارات سنويا”.

وقال السيناتور تيد كروز عضو لجنة العلاقات الخارجية “لقد كانت مصر والأردن حليفين مهمين ونحتاج إلى مواصلة العمل عن كثب مع الحكومتين، وأنا واثق بأننا سنفعل ذلك”.

وقدمت الولايات المتحدة لمصر منذ توقيع اتفاقية السلام مع إسرائيل عام 1979 ما يقدر بأكثر من 80 مليار دولار من المساعدات العسكرية والاقتصادية لمصر طبقا لتقرير لخدمة أبحاث الكونغرس اطلعت عليه الجزيرة نت.

وتحصل مصر هذا العام على 1.433 مليار دولار من إدارة ترامب منها 1.3 مليار دولار مساعدات عسكرية و133 مليون دولار مساعدات غير عسكرية، في حين وقع الأردن اتفاق سلام مع إسرائيل عام 1994، وحصل الأردن على مساعدات قيمتها تقترب من 30 مليار دولار، ويحصل على مساعدات عسكرية واقتصادية هذا العام مقدراها 1.45 مليار دولار.

هل نجح ترامب؟

اعتبر الخبراء أن تقديم الدول العربية لخطة بديلة يمثل نجاحا لترامب وإسرائيل في الوقت ذاته. وفي مشاركة له على موقع المجلس الأطلسي، قال نائب مساعد الوزير السابق لسياسة مكافحة الإرهاب في وزارة الأمن الداخلي، والخبير بالمركز توماس واريك، إن الملك عبد الله الثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بحاجة إلى إخبار ترامب بوضوح وبشكل مباشر بأنهما لن يفعلا ذلك، حتى تتحرك المناقشات في اتجاه آخر أكثر فاعلية”.

إعلان

بدوره، قال خبير ملف السلام بالشرق الأوسط والأستاذ بالجامعة الأميركية بواشنطن غريغوري أفتانديليان للجزيرة نت إنه “ربما يكون ترامب جادا بشأن تعليقاته حول مستقبل قطاع غزة، ولكن لا توجد فرصة لتنفيذها”.

وأضاف أن “هذه الخطة لن تمولها أي دولة عربية وهناك بالفعل انتقادات في المجتمع الدولي باعتبارها تطهيرا عرقيا. وفضلا عن ذلك، هناك بالفعل رد سلبي جدا من أصدقاء ترامب في المملكة العربية السعودية”.

شاركها.
© 2025 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.