بعد قراءة رواية “قناع بلون السماء” للكاتب الفلسطيني باسم خندقجي، يُطرح العديد من الأسئلة التي تجعل القارئ يفكر في عمق القصة التي فازت بالجائزة العالمية للرواية العربية لعام 2024. تبدأ الرواية ببحث تاريخي وآثري يقوم به بطله نور المشهدي، الذي يجد صعوبة في الكشف عن حقائق مريم المجدلية بسبب العراقيل التي تعترض طريقه. يقرر نور كتابة رواية عن المجدلية والبحث عن أسرارها المخفية، ولكن كيف يتمكن من ذلك تحت سيطرة الاحتلال الإسرائيلي والقيود التي تفرضها.

يتضح أن الحل الوحيد هو كتابة الرواية بطريقة خيالية، حيث يحس نور بأن “التاريخ في النهاية سوى تخيّل مُعقلَن”. يتبنى الكاتب خندقجي فكرة رواية داخل رواية، حيث يكتب نور رواية عن بطل يفكر في كتابة رواية أخرى، ويستخدم بطاقات صوتية لتوجيه خططه للكتابة. تتحرك الشخصيات داخل الرواية بشكل مبتكر وذكي، مما يجعل القارئ يتفاعل بشكل مختلف مع القصة.

يتورط نور في انتحال هوية إسرائيلية ليتمكن من التحرك بحرية في القدس والبحث عن أسرار المجدلية. يظهر السؤال عن الهوية بوضوح في الرواية، خاصة في ظل معاناة اللاجئين الفلسطينيين والاعتقالات التي تُفرض عليهم. تعكس الأسئلة التي تُطرح تحرك الشخصيات داخل القصة وتسلط الضوء على الهوية والمكان، وكيف يمكن للاحتلال أن يُغير مصائر وهويات الأفراد.

باستخدام تقنيات مختلفة، يتميز خندقجي في بناء روايته واستخدام البطاقات الصوتية التي يتركها نور لصديقه الأسير. يستفيد الكاتب من الدراسات التاريخية والدينية ليُدخلها بسلاسة في الرواية بطريقة متقنة. تأخذ القصة القارئ في رحلة تاريخية وروائية مميزة، مع انتقالات بين الأحداث والأزمان بسلاسة وجمالية لافتة.

بالرغم من قضاء خندقجي سنوات في السجن، إلا أنه نجح في كتابة عدة روايات ومجموعتين شعرية قبل ذلك. تعكس رواية “قناع بلون السماء” تجربة حياة الأسير والحرية، وتسلط الضوء على قضايا الهوية والاحتلال من خلال شخصية نور وتجربته. تعد الرواية بعنوانها الدال على معانٍ عميقة، تستحق القراءة لتعمق الأسئلة التي تطرحها والجمالية في السرد.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.