تشير الأحداث السياسية الراهنة إلى أن عودة دونالد ترامب إلى رئاسة الولايات المتحدة تمثل تحديًا كبيرًا لإيران، خاصة في ظل التوترات المتصاعدة بين الأخيرة وإسرائيل. إذ يتوقع أن يدفع ترامب إيران إلى إعادة تقييم استراتيجياتها الإقليمية، خاصة مع محاولتها الرد على ما اعتبرته “تهديدات إسرائيلية” في إطار دوامة التصعيد المتبادلة. بانتظار بدء ولاية ترامب، يبدو أن الشرق الأوسط يستعد لتغييرات جذرية من شأنها أن تعيد تشكيل توازن القوى في المنطقة.

بعد فوز ترامب، تسعى إسرائيل إلى تعزيز علاقاتها الإقليمية مستفيدة من دعم الولايات المتحدة، ودعم ترامب لجهود التطبيع العربي. يأتي هذا في وقت تواجه فيه إيران تحديات على عدة جبهات، مما يشير إلى أن ترامب يسعى من خلال استراتيجيته المعروفة بـ”الضغط الأقصى” إلى ردع إيران وتطويق نفوذها في الشرق الأوسط. يُظهر هذا التحول في السياسة الأمريكية أهمية الخيارات المتاحة لكل من طهران وتل أبيب في الأيام والأسابيع المقبلة.

وفي ضوء هذه التغيرات، يُتوقع أن تتجنب إيران التصعيد العسكري المباشر في مواجهة مع إسرائيل، نظراً لعلاقتها الشخصية مع ترامب والتقارب الذي يجمعه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو. حيث من المرجح أن تعتمد إيران على استنزاف القوى الإسرائيلية عن طريق أدوات غير تقليدية في لبنان دون أن تدخل في مواجهة عسكرية مباشرة. التحديات التي تواجهها إيران تدفعها كذلك إلى إعادة تنظيم أولوياتها الاستراتيجية وتحقيق أقصى استفادة ممكنة من الوضع القائم.

يوضح الباحثون أن هناك قلقًا داخل الأوساط الإيرانية بشأن تأثير عودة ترامب على قدرتها في الرد على الاعتداءات الإسرائيلية. كما يحدث مراجعة لتقييمات القادة العسكريين الإيرانيين في ضوء الوضع المتغير. ويُظهر ذلك احتياج إيران إلى التركيز على إعادة بناء قدراتها الردعية، والتي قد تتطلب توازنًا دقيقًا بين الرد العسكري والتعامل السياسي مع الضغوط الخارجية.

ومع ذلك، يُشدد على أن الوضع في المنطقة لا يزال متوتراً، ومن غير المتوقع تحقيق أي استقرار في المستقبل القريب. إذ إن المواجهات الحالية التي تشمل غزة ولبنان تؤثر بشكل كبير على المعادلات الإقليمية، حيث لم تعد الحروب تقتصر على “الساحة الرمادية”. هذه الديناميكيات تشير إلى أن ترامب، رغم وعوده بإنهاء الحروب في الشرق الأوسط، يمكن أن يواجه عراقيل شديدة تتعلق بالتوتر المستمر والمخاطر المرتبطة بحصول تصعيد عسكري محتمل.

في النهاية، تشير المعطيات إلى أهمية تجاوز قصة الصراع التقليدي بين إيران وإسرائيل، والتفكير في مرونة السياسات الأمريكية وتأثيرها على الأحداث في المنطقة. في ظل عودة الجمهوريين، يبدو أن الأمور ستعتمد بشكل كبير على مدى استجابة إيران للسياسة الأمريكية الجديدة، ويمكن أن يكون لذلك تداعيات عميقة على المستقبل الإقليمي، حيث يخشى الجميع من تفاقم الوضع إلى نزاع واسع قد يخرج عن السيطرة.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.