اجتمع باحثون في الشأن الإسرائيلي على أن قرارات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو المتعلّقة بإقالة وزير الدفاع يوآف غالانت وتعيين يسرائيل كاتس في منصبه وغدعون ساعر وزيرًا للخارجية، تعكس رؤية استراتيجية تهدف لضمان استقرار الحكومة الإسرائيلية حتى انتهاء ولايتها في أكتوبر 2026. هذه التعديلات تأتي في ظل تصاعد التوترات على الجبهتين الفلسطينية واللبنانية، وتمنح نتنياهو حرية الحركة اللازمة لإدارة الحرب دون معارضة داخلية، خاصة من قبل العسكريين أو الوزراء الذين يحملون وجهات نظر تختلف عن رؤيته.
تشير التحليلات إلى أن تعيين كاتس وساعر يخدم المصالح الشخصية لنتنياهو، حيث يعبران عن توافق تام فكريًا وسياسيًا مع سياسته. في هذا السياق، أوضح غالانت قبل إقالته أن نتنياهو يسعى لاستمرار الحرب، التي تبدو بلا بوصلة أو أهداف واضحة، كل ذلك بهدف الحفاظ على منصبه. هذا يعكس الموقف المتشابك بين السياسة بالنظر إلى الحرب والإجراءات العسكرية.
عند تحليل دوافع نتنياهو، يتضح أنها تتمحور حول الحفاظ على استقرار حكومته وتفردها بإدارة الحرب. يعتقد الباحث أنطوان شلحت أن إقالة غالانت تعكس محاولة نتنياهو لإزالة أي عراقيل أو خلافات حول ملفات حساسة مثل إعفاء الحريديم (اليهود المتدينين) من الخدمة العسكرية، بالإضافة إلى معالجة ملف المحتجزين الإسرائيليين لدى حركة حماس.
ومن جهة أخرى، يبدو أن اتخاذ قرار تعيين كاتس يعزز من قدرة نتنياهو على التحكم في الأمور الأمنية، إذ يعتبر كاتس شخصًا أقل خبرة ممكنة في المجال العسكري، مما يجعله أكثر قابلية للامتثال لخطط نتنياهو. بينما يعزز تعيين ساعر التماسك في الائتلاف الحكومي، حيث أن تعيينه يتوافق مع رغبات وزراء اليمين ويمهد الطريق لاستمرار الحكومة دون أي تقلبات سياسية.
ليس من الخطأ أيضًا الإشارة إلى الطابع الأيديولوجي الذي يجمع بين نتنياهو وكاتس وساعر، حيث يعتبر كل منهم العودة للهيمنة على الليكود والتمسك بالمواقف المتشددة تجاه الفلسطينيين. كما يتشارك الثلاثة في رؤيتهم الإيديولوجية القائلة بأهمية فرض الخدمة العسكرية على اليهود المتدينين وموقفهم القوي ضد إقامة دولة فلسطينية.
في النهاية، تشير جميع هذه المعطيات إلى أن نتنياهو يسعى إلى تعزيز سلطته السياسية وإدارة المشهد وفق مصالحه الخاصة، مما يعكس تحولات كبيرة في السياسة الإسرائيلية تجاه مواضيع حساسة وتحديات متزايدة على الساحة الداخلية والخارجية. كما أن هذه التحولات قد تستمر في تشكيل مستقبل الحكومة الإسرائيلية خلال الفترة المقبلة، مما يدفع بالمشهد السياسي الإسرائيلي إلى امتحانات جديدة.