التوترات المستمرة في الأراضي المحتلة أدت إلى تفاقم أزمة الجيش الإسرائيلي على جبهتي لبنان وغزة، حيث يعاني الجيش من نقص حاد في القوة البشرية نتيجة للخسائر الكبيرة التي تعرض لها أثناء المعارك البرية. هذه التطورات تجعل الأمور تتطلب تجنيدًا عاجلًا لآلاف الجنود. وفي محاولة لمواجهة هذه الأزمة، أعلن وزير الدفاع المقال، يوآف غالانت، عن خطط لتجنيد 7,000 من اليهود الحريديم، وهو ما أثار جدلًا سياسيًا أفضى إلى إقالته من منصبه وعُين مكانه وزير الخارجية يسرائيل كاتس. تعكس هذه القرارات الصراعات المستمرة في المجتمع الإسرائيلي حول مسألة التجنيد العسكري، وخاصة فيما يتعلق بإعفاء الحريديم، مما أثر سلبًا على استعداد الجيش وفعاليته.
أشارت صحيفة “يديعوت أحرونوت” إلى أن الجيش الإسرائيلي في حاجة ماسة إلى 7,000 جندي، وهو ما يعكس أزمة التجنيد المستمرة والتسرب من الخدمة العسكرية. فقد أظهر التقرير أن واحدًا من كل ثلاثة مجندين محتملين لم يتجه إلى مكتب التجنيد، وأن نسبة التسرب خلال الخدمة العسكرية قد ارتفعت. تشير المعطيات إلى أن 15% من الجنود تركوا الخدمة قبل الانتقال إلى الاحتياط. كما أنّ وباء الإعفاءات لعوامل طبية ونفسية يتسارع، مما يعكس تحديات أكبر تواجه المجتمع الإسرائيلي، خاصة مع استمرار النزاع المسلح.
يبدو أن الجيش، مع تصاعد القتال في غزة ولبنان، قد أصبح مدركًا لحاجته الملحة لتأمين عدد كافٍ من الجنود لدعم العمليات العسكرية القادمة. وقد حث المحللون الحكومة على إعادة تقييم نموذج خدمة القوات العسكرية، بما في ذلك توسيع دائرة التجنيد. مع تصاعد احتمالية نشوب حرب متعددة الجبهات، فإنه يتعين على الجيش وضع خطط استباقية لتلبية احتياجاته من القوة البشرية.
البروفيسور إيال بن آريه، الباحث في معهد “يروشاليم” للإستراتيجية والأمن، أشار إلى أن الحرب الحالية قد أوضحت مشكلات التجنيد في الجيش الإسرائيلي. وطالب الباحث بالاستعداد للسيناريوهات المستقبلية وتعزيز الموارد البشرية ضمن الجيش. ينبه إلى ضرورة استفادة الجيش من الدروس المستخلصة من النزاعات السابقة، مثل التأكيد على أهمية الضمان العسكري وتحقيق تنوع أكبر في المجندين من مختلف فئات المجتمع.
في إطار تقييم آثار الحرب، تناولت تحليلات الباحث نداف هعيتسني مدى تأثير العوامل التكنولوجية على القدرة التقليدية للجيش الإسرائيلي. وأكد على ضرورة تعزيز القوات البرية وتجنب التركيز بشكل مكثف على الوحدات الجوية والاستخباراتية. وأوضح أن استمرار إهمال القوات البرية يعرض فعالية العمليات العسكرية للخطر مما يتطلب اتخاذ إجراء عاجل لتشكيل قوة أكثر شمولية وقوة في التعامل مع التهديدات.
خلال تبادل الآراء، ركز الباحث عميحاي كوهين على أهمية تحقيق المساواة في التوزيع بين المجندين، بما في ذلك الحريديم، لضمان تعزيز القدرة العسكرية. ورأى أن فشل التجنيد الفعال للحريديم يمنع المجتمع من مواجهة التحديات بشكل موحد، مما قد يؤدي إلى استنزاف طويل الأمد للقدرات البشرية في الجيش. ومن ثم يجب أن تُعطى الأولوية لقضايا التوازن والعدالة الاجتماعية والدفاع الوطني لتعزيز صمود القوات الإسرائيلية في مواجهة الأزمات المعقدة.