أشار الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور أشرف بدر، إلى وجود فضيحة تتعلق بتسريب وتزوير وثائق سرية من ديوان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، مما يعكس صراعا بين المؤسسة العسكرية والمستوى السياسي. وأوضح أن المؤسسة العسكرية تسربت معلومات للإعلام عبر مقربين منها تشير إلى استنفاد الحرب لأغراضها، وأنه لا ضرورة أمنية للاحتفاظ بمحور فيلادلفيا. بينما كان نتنياهو يروج لرواية مضادة، تدعي بأن السيطرة على المحور ضرورية لمنع هروب الشهيد يحيى السنوار والأسرى الإسرائيليين. هذه القضية تحمل شقين أساسيين: الأول يتعلق بتسريب معلومات أمنية مصنفة، والثاني بجوانبها السياسية المتعلقة بإعادة استخدام المعلومات من قبل نتنياهو لتبرير مواقفه المتشددة.

في محاولة للابتعاد عن القضية، ذكر بدر أن مكتب نتنياهو أظهر إنكارا لها عدة مرات، زاعما أنه لم يتم اعتقال أي من العاملين لديه. إلا أن الصور التي أظهرت المعتقل الرئيسي برفقة نتنياهو في اجتماعات حكومية كذبت هذه الادعاءات. وبالإضافة إلى ذلك، أكدت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن بعض الأشخاص العاملين مع نتنياهو ليسوا موظفين رسميين، وأن الشخص المعتقل برفقته، إيلي فردشتاين، يعمل في المكتب منذ عام ونصف، بجانب ثلاثة آخرين من المؤسسة الأمنية. تصريحات زعيم المعارضة يائير لبيد وزعيم “معسكر الدولة” بيني غانتس أكدت أيضا أن القضية تتجاوز مجرد تسريب وثائق، بل تتعلق بالاتجار بأسرار الدولة لأهداف سياسية.

كذلك طالب لبيد وغانتس بأن يستدعي استخدام المعلومات الاستخبارية دون إذن تحقيقا شاملا، مشيرين إلى أن استخدام المعلومات الأمنية الحساسة لأغراض سياسية يعتبر جريمة وطنية وليست مجرد جريمة جنائية. يُتابع هذا الملف من قبل ثلاث جهات رئيسية: المعارضة السياسية، عائلات الأسرى، والمؤسسة العسكرية التي تقدمت بطلب للتحقيق عبر جهاز الشاباك. تشير المعلومات إلى أن الشاباك يتابع القضية منذ يوليو/تموز الماضي، بعد أن نشرت صحيفتا “جويش كرونيكل” و”بيلد” تفاصيل التسريبات.

بناءً على التحقيقات التي كشفت عنها القناة 12 الإسرائيلية، يشير الروايات إلى أن المتهمين قاموا بتسريب وثائق مع تحريف محتوى الوثائق لتدعي أنها تعود للسنوار. هذه التسريبات جاءت متزامنة مع تصريحات نتنياهو التي تدعي أن حماس غير مهتمة بصفقة تبادل الأسرى، بل تسعى لتهريبهم عبر محور فيلادلفيا. من ناحية أخرى، كشف أحد المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين عن وجود مجموعة داخل مكتب نتنياهو مهمتها تجنيد عملاء داخل الجيش وزيادة التشويش حول الوثائق ونشر أخبار مزيفة، بهدف منع الوصول إلى اتفاق تبادل مع الأسرى عندما تتزايد الضغوط على نتنياهو.

تمتد تداعيات الفضيحة إلى جوانب متعددة، حيث يشعر العديد من القيادات السياسية والمراقبين في إسرائيل بأن المعلومات المستخدمة في الصراع السياسي تهدد بشكل جدي الأمن القومي. من خلال استغلال معلومات استخبارية لأغراض سياسية، تقوم المؤسسة السياسية بتقويض الثقة بين الأجهزة الأمنية والجيش، بينما تتأثر عائلات الأسرى والمجتمع ككل بسبب هذه النزاعات. العلاقات بين المؤسسة العسكرية والسياسية تعتمد على الثقة المتبادلة، والتلاعب بالمعلومات يُعتبر ضربة قاسية لهذه العلاقة، فضلاً عن تأثيره على القضايا الوطنية الحساسة.

إجمالاً، تلقي هذه الفضيحة بظلالها على المشهد السياسي الإسرائيلي، مما يدفع بالمراقبين إلى التساؤل عن كيفية التبعات على الوسط السياسي والعسكري. وقد يعكس هذا الوضع عدم الاستقرار الذي يواجهه نتنياهو في سياق عمله السياسي، خاصة فيما يتعلق بقضايا الأمن الوطني والعلاقات مع الأسرى وأسرهم. يتضح أن هذه المشكلة ليست حالة فردية، بل تشير إلى وجود قضايا أعمق تتعلق بإدارة المعلومات الاستخبارية وكيف يمكن لها أن تتشابك مع السياسة في سياق متفاعل ومعقد ضمن الفصل بين المؤسسة المدنية والجيش.

في النهاية، تبقى التهديدات التي تتعرض لها الأمن القومي حجر عثرة أمام أي تحركات سياسية في المستقبل. فإعادة بناء الثقة بين العسكريين والمستوى السياسي، بالإضافة إلى استعادة سمعة المكتب السياسي، يشكلان ضروريان من أجل تخطي هذه الأزمة. إن تعزيز التعاون والتفاهم بين هذه المؤسسات من شأنه أن يسهم في استقرار الأوضاع الداخلية ويعزز من قدرة إسرائيل على التعامل مع التحديات الأمنية الكبيرة، وهذا يتطلب التزاما صادقا من جميع الأطراف المعنية.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.