في ظل تصاعد التوترات بين إيران وإسرائيل، يبدو أن الطرفين يقتربان أكثر من أي وقت مضى من حرب مفتوحة. رئيس المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية الإيرانية، كمال خرازي، أكد أن “تغيير العقيدة النووية ما زال خيارًا مطروحًا”، مشيرًا إلى أن إيران تأخذ في الاعتبار حساسية أوروبا فيما يتعلق بمدى صواريخها. هذا التصريح جاء بعد اجتماع مع مرشد الثورة الإيرانية، علي خامنئي، حيث طالب أحد الطلاب بضرورة تعديل الاستراتيجية النووية، مما أثار تساؤلات حول نية إيران في تجهيز نفسها لمواجهة أي تهديدات.

بعد الهجوم الإسرائيلي الأخير على أهداف في إيران، والذي يعتبر سابقة من نوعه، تردّ طهران بتصريحات تحذر من رد قوي على هذه العمليات. يُلاحَظ أن إيران تعاني من عقوبات صارمة أمريكية وأوروبية تطال برنامجها النووي، مما أثر بشكل كبير على اقتصادها، حيث شهدت العملة الإيرانية انخفاضًا كبيرًا في قيمتها. هذه التوترات يبدو أنها تهدد قدرة إيران على التكيف مع الوضع المستجد، بينما يزداد الضغط الدولي عليها لمكافحة طموحاتها النووية.

الباحث الإقليمي عرفان بجوهنده أشار إلى وجود ثلاث قضايا رئيسية تؤثر على نهج إيران تجاه الغرب، وهي الحرب الأوكرانية، موت الاتفاق النووي، والنزاعات الإقليمية، حيث تتداخل هذه العوامل مع بعضها البعض. بجوهنده أضاف أن إيران قد حددت مدى صواريخها بـ200 ألف كيلومتر لتجنب إثارة قلق الأوروبيين، مشيرًا إلى أن هذه التصريحات تمثل رسالة واضحة إلى الدول الأوروبية، وخاصة ألمانيا، داعيًا إياها إلى مراعاة قلق إيران إذا أرادت الحفاظ على أمنها.

من جانبه، ينعكس الوضع الحالي في توجه إيران لتعزيز قدرتها الدفاعية وفرض قواعد جديدة في سياستها النووية. الباحث السياسي برديا عطاران يقول إن إيران أدركت بعد حربها مع العراق وفشل مفاوضاتها مع الغرب أن أمنها القومي مهدد، مما دفعها إلى البحث عن أطر جديدة للحفاظ على استقرار النظام. تشير هذه التوترات إلى أن إيران تسعى إلى بناء محور مقاومة يشمل جميع أطراف الصراع، ما يعكس رغبتها في تحقيق الردع الأقصى ضد أي تهديدات.

عطاران يضيف أن إيران عمدت إلى تعزيز قدراتها العسكرية قومًا بعد الآخر، وتصنيع أسلحة محلية الصنع، وتطوير استراتيجيات بديلة تضمن بقائها في حالة الحرب. ومع ذلك، يؤكد أن إيران لم تسعَ لصنع السلاح النووي في السابق، ولكن في حال امتدت التهديدات الإسرائيلية لتشمل جميع بنيتها التحتية، فإنها قد تضطر لتغيير عقيدتها النووية.

في ختام التحليل، يبدو أن إيران تواجه مفترق طرق فيما يتعلق بمستقبل برنامجها النووي وعلاقاتها مع الغرب. التأكيد على تغيير العقيدة النووية يمكن أن يكون بمثابة تحذير مزدوج لأوروبا والولايات المتحدة للتواصل مع إيران بشكل جاد، خاصة في ظل تصاعد الاعتداءات الإسرائيلية. إن الخلافات القائمة قد تستدعي من إيران استراتيجيات أكثر تشددًا للحفاظ على أمنها القومي، مما يشير إلى احتمالية تفاقم النزاع الأوسع في المنطقة ما لم تُحَلّ هذه القضايا بصورة سلمية.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.