بعلبك، المعروفة بمدينة الشمس اللبنانية، تعاني اليوم من أزمات مقلقة نتيجة الهجمات العسكرية الإسرائيلية التي أسفرت عن دمار هائل ومجازر بحق السكان المدنيين، فضلاً عن نزوح الآلاف من سكانها. يُطرح سؤالٌ حول سبب استهداف بعلبك رغم موقعها البعيد عن الجنوب، حيث يشير المحلل العسكري العميد منير شحادة إلى أهمية المدينة كخط عبور للإمدادات من إيران إلى العراق وسوريا ثم لبنان. ومع نجاح إسرائيل في قصف بعض مخازن الصواريخ، إلا أنها فشلت في تحييد القوة الصاروخية لحزب الله، مما دفعها إلى تدمير الأحياء السكنية كنوع من الانتقام من “بيئة المقاومة”.
ويرى العميد شحادة أن الغارات الجوية الإسرائيلية تستهدف المدنيين وليس المواقع العسكرية كما تدعي، مما يؤدي إلى قتل الأطفال والنساء في محاولة لخلق انقسام بين حزب الله والمجتمع المحلي. وقد حذر من أن هذه المجازر تهدف إلى تهجير السكان بشكل دائم، في ظل خطط رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالية لفرض واقع جديد في الشرق الأوسط. بينما يعبر صبحي ياغي، أحد أبناء المدينة، عن أن سياسة التهجير التي تتعرض لها بعلبك مشابهة لتلك التي تمت في الجنوب والضاحية الجنوبية، مما يزيد من الضغط على بيئة حزب الله.
أما المهندس حكمت عواضة فيشير إلى أن إسرائيل تهدف إلى خلق فجوة بين حزب الله وبيئته الحاضنة من خلال تصعيد الهجمات وتوجيه إنذارات إخلاء. ويعبّر عن قلقه من تمديد فترة النزاع مما سيؤدي إلى تفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين النازحين والذين يستضيفونهم. ويشير إلى أن الوضع في بعلبك والهرمل يعتمد على وقف العدوان الإسرائيلي، حيث يعيش العديد من المواطنين في ظروف مأساوية بعد فقدانهم لمنازلهم.
المحلل السياسي يوسف مرتضى يشدد على أهمية توقف الحرب على لبنان، حيث تمتد آثارها لتشمل جميع اللبنانيين، خاصة أولئك الذين تركوا منازلهم. ويؤكد أن لبنان مستعد لتطبيق القرار 1701، لكن Israel مستمرة في عدوانها الدموي، مستهدفةً نزع سلاح حزب الله. ويشير مرتضى أيضًا إلى الأهداف الأمريكية الإسرائيلية الموجهة ضد حلفاء إيران في المنطقة، مؤكداً أن ذلك يعتمد على السياسة الخارجية للإدارة الأمريكية القادمة.
تشير التقارير إلى أن النازحين من بعلبك يتجهون إلى أماكن مثل دير الأحمر، وعيناتا الأرز، وغيرها من المناطق، بينما هاجرت أعداد كبيرة إلى سوريا والعراق. ويُذكر أن عدد النازحين تجاوز 100 ألف شخص، وعودتهم مرهونة بوقف العدوان الإسرائيلي. ويدق مرتضى ناقوس الخطر بشأن التحديات الاقتصادية والاجتماعية المتزايدة في ظل الظروف المعيشية الصعبة، خاصة مع اقتراب فصل الشتاء الذي يتطلب الكثير من الاحتياجات الأساسية.
في ختام الوضع، يعكس الوضع في بعلبك مدى تعقيد الأزمة اللبنانية نتيجة العدوان الإسرائيلي، حيث يستدعي حماية المدنيين وإعادة بناء المجتمع من الوحشية والتهجير. إن الأبعاد الإنسانية والاقتصادية لتلك المعاناة تستدعي تحركًا عاجلاً من الجهات الرسمية والدولية لتجنب تفاقم المأساة، واستعادة الأمن والاستقرار في المنطقة.