تعكس معاناة الأسرى المقدسيين وذويهم واقعًا مريرًا، حيث لا تقتصر المآسي على الاعتقال والتعذيب فحسب، بل تتواصل الاعتداءات حتى بعد الإفراج عنهم. الأسرى، الذين قضوا فترات طويلة في سجون الاحتلال، يستطيعون عرض قصصهم وتجاربهم المريرة، مثل تجربة محمد الدقاق، الذي اعتقل لأربع سنوات ويعيش في الخوف من ملاحقة قوات الاحتلال لعائلته حتى بعد خروجه من السجن. تكشف الظروف الصعبة التي يعيشها ذوي الأسرى العاجزين، مثل والدي الدقاق، عن العبء الإضافي الذي يضيفه الاحتلال على كاهلهم.

تتجاوز معاناة والدَي محمد الأبعاد النفسية فحسب، إذ يتعرضان لاعتداءات مادية، بما في ذلك مصادرة المخصصات المالية المخصصة لهما. فقد تم اقتحام منزلهما أكثر من مرة، الأمر الذي أثر على معيشتهما، حيث إنهما يعتمدان على تلك المخصصات لتلبية احتياجاتهما اليومية وشراء الأدوية. ما يجعل الوضع أكثر مأساوية هو أنه رغم عدم سكن محمد في المنزل، إلا أن قوات الاحتلال استمرت في استهدافهما بشكل متكرر، مما أدى إلى مزيد من الضغط على العائلة.

تعاني الأسر الفلسطينية في القدس من ظلم مستمر يمتد إلى بعد التحرر من السجون. تشير الممارسات القمعية للاحتلال إلى نية واضحة للضغط على الأسرى وعائلاتهم، مما يخلق بيئة من الخوف وعدم الأمان. كل شاب يتعرض للاعتقال يبدأ في مسار من المطاردة والتجسس، حيث تتبع قوات الاحتلال خطواتهم في السجن وبعد الإفراج، مما يجعل العودة إلى الحياة الطبيعية أمرًا شبه مستحيل.

يظهر حال عائلة الدقاق كيف أن الاحتلال لا يقتصر على الاعتقالات بل يمتد ليؤثر في كل تفاصيل الحياة اليومية. الأبحاث الحالية تشير إلى أن تلك الممارسات تؤدي إلى تدهور الحالة النفسية للأسرى وعائلاتهم، مما يزيد من الصعوبات التي يواجهونها. فعندما يواجه الأهل الأعباء المالية والنفسية، تصبح حياتهم بهدف المقاومة والتكيف، وكأنهم يعيشون دورة لا تنتهي من المعاناة.

الهجمة على المخصصات الحكومية التي تعود إلى أسر الأسرى تعتبر جزءًا من استراتيجية الاحتلال للضغط على الفلسطينيين، حيث تندرج تحت مسمى “أموال من جهات إرهابية”. هذا اللقب يتنافى مع الواقع، حيث أن تلك المخصصات تعني الحياة لكثير من الأسر التي تعاني أعباء الحياة وضغوط الاحتلال. والدة محمد، بدورها، تعاني من ضعف الحركات والاعتماد على أجهزة الأكسجين، مما يحتم الوضع عليها التعامل مع تلك الاعتداءات في ظل ظروف صحية سيئة.

ختامًا، تبقى معاناة الأسرى المقدسيين وعائلاتهم هي جزء لا يتجزأ من الصراع الفلسطيني. سيظل الاحتلال يحاول تحطيم الروح المعنوية للمجتمعات الفلسطينية من خلال استهداف الأسر والعائلات، إلا أن صمود الأسرى وعائلاتهم يظهر حقيقة القوة والثبات وسط كل محاولات القمع. إن الإضاءة على تجارب مثل تجربة محمد الدقاق تساعد على فهم الصعوبات اليومية التي تواجه الأسرى، التي لا تنتهي عند أبواب السجون، بل تمتد لتشمل حياتهم بعد الإفراج عنها.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.