لا تزال القضية السورية تعاني من جمود سياسي على الرغم من استمرار الاشتباكات والمواجهات العسكرية على الأرض، حيث يتعرض المدنيون في مناطق المعارضة للقصف من الجيش السوري وحلفائه، وتستمر الغارات الإسرائيلية. وقد أدى ذلك إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية والمعاناة اليومية للسوريين. وفي ظل هذه الأوضاع، سعى المجلس الإسلامي السوري لوضع رؤية للتوافق الوطني، حيث أطلق ورقة تتضمن عشرة مبادئ تدعو إلى إحداث تغيير حقيقي في سوريا وتعزيز الانتماء للوطن السوري. هذا التحرك جاء لتعزيز الحوار بين مختلف الأطياف السورية، وهو ما تأمل فيه الجهات السياسية المدعومة للمجلس.
الفكرة التي تدور حولها ورقة المجلس تتمحور حول الانتقال إلى حكم رشيد واعتماد مبادئ العدالة والمساواة بين جميع أفراد الشعب السوري، حيث تدعو الورقة إلى حوار شامل قائم على الشفافية ووضوح النوايا. كما تبرز رؤية المجلس أهمية التنوع والمتنفس الشعبي في ظل احتياجات البلاد لبناء دستور جديد يعكس تطلعات الشعب ويؤمن المبادئ الأساسية للديمقراطية. مع الإشارة إلى دور المجتمع المدني والتفاعل الإيجابي في تحقيق المشاركة الفاعلة للأفراد في الشأن العام.
خلال حوار مع مطيع البطين المتحدث الرسمي باسم المجلس، تم توضيح دوافع إصدار الورقة، حيث أكد أن هناك حاجات ملحة لتقديم رؤية شاملة وشاملة تخرج من السوريين أنفسهم. كان من الضروري أن تنطلق هذه المبادرة، خاصةً في ظل المستجدات السياسية والتغيرات المفاجئة التي تشهدها الساحة السورية. وبالتالي، كانت الرسالة واضحة: دعوة السوريين بكافة مكوناتهم للتوحد ورسم الخارطة السياسية الجديدة التي تتماشى مع تطلعاتهم للحرية والعدالة.
فيما يتعلق بتنويع المكونات السياسية والعرقية في سوريا، أكد البطين أن حقوق الأقلية ينبغي أن تُراعى في السياق السياسي. وشدد على أن جميع السوريين لهم الحق في التواجد في المجالس النيابية والهيئات الحكومية. استطرد في القول إن هذه الرؤية ليست فضفاضة بل تلامس احتياجات المجتمع، حيث ينبغي لكل مكون أن يشارك في صنع القرار. وفي تعليقه على الانتقادات التي طالت رؤيتهم بشأن قضايا التنوع، أوضح بأن المجلس يسعى مبدئيًا إلى توحيد الرؤى بدل إغراقها في قضية تناقضات تفشل عملية التوافق.
وعند النظر في المسألة الدستورية، أوضح البطين أن المشكلة الحقيقية تكمن في ممارسات النظام نفسه التي أدت إلى إقصاء الدستور وأفقدته معناه. وأكد أن المجلس يسعى إلى كتابة دستور جديد يستفتي عليه الشعب ليكون حاملاً للقيم التي يتطلع إليها السوريون. كما بيّن أن عمل اللجنة الدستورية لم يكن بتفويض أو رغبة الشعب، وبالتالي لا يمكن التعويل عليها للوصول إلى دستور يحقق العدالة. هذه الخطوة تعكس نوايا المجلس لتوسيع المشاركة الشعبية وتعزيز شرعية العملية السياسية.
أخيرًا، أشار البطين إلى أن المجلس، على الرغم من وجود قياداته في الخارج، إلا أنه مؤهل تمامًا لتقديم رؤى سياسية. ووفقًا له، فإن الشأن العام يجب أن يشمل كل أفراد الشعب السوري بغض النظر عن وجودهم داخل أو خارج البلاد. ويتضح أن المبادئ العامة التي يطرحها المجلس هي خطوة هامة نحو تجميع الجهود السورية وتحقيق الأهداف المشتركة. وفي النهاية، تظل ورقة المجلس الإسلامي السوري نتيجة طبيعية لمطالب الشعب، وتفتح الأبواب لمزيد من التحاور والنقاشات حول مستقبل سوريا، في ظل صعوبة الأوضاع وخطورة المرحلة الراهنة.