في ظل الانتهاكات والمجازر التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة، أشار المؤرخ الإسرائيلي عاموس غولدبرغ المتخصص في الدراسات حول “المحرقة” (الهولوكوست) إلى أن رد فعل بلاده كان “إجرامياً” على هجوم “طوفان الأقصى”. واعتبر غولدبرغ أن إسرائيل ترتكب جريمة “إبادة جماعية” بحق الفلسطينيين في غزة، موضحاً أنه في البداية كانت أحداث السابع من أكتوبر صادمة ومأساوية، وأدرك تفاصيل الاحتلال والفصل العنصري ولكنها لا تبرر أعمال العنف والدمار التي تتعرض لها غزة.
بعد ما حدث في السابع من أكتوبر، شهدت غزة قصفًا جويًا مكثفًا أدى لمقتل آلاف المدنيين. انتشرت خطابات تؤيد الإبادة في وسائل الإعلام والأوساط السياسية الإسرائيلية، حيث أدلى مسؤولون إسرائيليون بتصريحات تثير الاستهجان، مثل تحميل الفلسطينيين مسؤولية الأحداث ووجود خطاب تحريضي. غولدبرغ، الذي استشعر قلقًا عميقًا، أكد أنه كتب نصوصًا تتطرق إلى الإبادة الجماعية وشاركها مع وسائل الإعلام العالمية، موضحًا مدى الفظائع الإنسانية التي تحدث تحت الاحتلال.
رغم أنه ليس خبيرًا قانونيًا، رأى غولدبرغ أن الوضع في غزة يتجاوز عتبة الإبادة الجماعية، ما أكده العديد من الخبراء القانونيين. وقد أشار إلى أن الوضع إنسانيًا في غزة مأساوي بشكل لا يمكن احتماله، مع دمار شامل وعشوائي، حتى في الأماكن المخصصة كأمان، فضلًا عن تدمير البنية التحتية والمستشفيات. ولفت إلى أن ما يحصل يشبه المفهوم الذي وضعه رافائيل ليمكين حول الإبادة الجماعية، حيث تكرار الانتهاكات والنية المبيّتة يعتبر دليلاً قاطعًا على تلك الجرائم.
وأشار غولدبرغ أيضًا إلى أن العديد من الإسرائيليين بدأوا يشككون في أهداف الحرب على غزة، حتى إن كانوا لا يستخدمون مصطلح “الإبادة الجماعية”، وأعرب عن رأيه في ضرورة كسر الصمت والتعبير عن تلك الانتهاكات. ولم يعد بالإمكان الانتظار حتى تصدر محكمة العدل الدولية حكمًا، إذ أن الأوان سيكون قد فات على الفلسطينيين قبل ذلك، وهذا يستدعي المناداة بأن ما يحدث هو إبادة جماعية، مع الكثير من الأدلة المتاحة.
ونوّه غولدبرغ إلى أنه لا يمكن المقارنة بين الخوف الوجودي للشعب اليهودي في ظل المحرقة وواقع الفلسطينيين المعيش، حيث تعاني فلسطين من ظروف مؤلمة تهدد وجودهم. وأكد أن الصراع يؤثر على تجريد الجانبين من إنسانيتهم، لكن هذه ليست مبررات لجرائم الحرب من جانب إسرائيل، محذرًا من مغبة الاستمرار في الانتهاكات والعنف ضد الفلسطينيين.
في النهاية، أعرب غولدبرغ عن رؤيته القاتمة لمستقبل المنطقة، مشيرًا إلى أنها قد تظل مشبعة بالعنف والدم. ومع ذلك، دعا إلى التمسك بالإنسانية المشتركة والعمل من أجل تغيير الأوضاع في المستقبل، رغم أن الأمل في ذلك يبدو بعيد المنال حاليًا.