تدهورت العلاقة بين إسرائيل والأمم المتحدة بشكل ملحوظ منذ بداية الحرب على قطاع غزة قبل أكثر من عام، حيث طالتها اتهامات شديدة من مختلف الأطراف. الحظر الذي فرضه الكنيست الإسرائيلي على نشاط وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في إسرائيل والقدس الشرقية أدى إلى تصاعد الانتقادات الدولية. يتضمن هذا الحظر تبادل الإهانات والاتهامات بين إسرائيل والأمم المتحدة، مما أثار تساؤلات حول إمكانية استمرار إسرائيل كعضو في الهيئة الدولية، في وقت اتهمت فيه المؤسسات المرتبطة بالأمم المتحدة إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في غزة.

في ظل الحرب الحالية، اتهمت إسرائيل الأمم المتحدة بالانحياز ضدها، حيث وصف مسؤولون إسرائيليون الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بأنه “شريك في الإرهاب” لمطالبته بإنهاء الحرب وإدانته للحصار المفروض على غزة. وفي الآونة الأخيرة، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أن غوتيريش شخص “غير مرغوب فيه”، مما يعني حظر دخوله لإسرائيل، وذلك عقب انتقاد الأخير للعدوان الإسرائيلي. كما اتهم نتنياهو الأمم المتحدة بأكملها بالتحول إلى “مستنقع لمعاداة السامية” بسبب تقاريرها وآرائها السلبية تجاه السياسات الإسرائيلية.

ومع ازدياد الأعمال الحربية الإسرائيلية في لبنان، تفاقمت التوترات مع الأمم المتحدة، التي شهدت انتقادات لاذعة للهجمات الإسرائيلية والترحيل القسري للبنانيين. قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في جنوب لبنان جددت تأكيداتها حول الهجمات المتعمدة التي استهدفت قواتها من قبل الجيش الإسرائيلي، مما أثار ردود فعل غاضبة على المستوى الدولي. بينما كانت الأونروا، المسؤولة عن تقديم المساعدات للاجئين الفلسطينيين، هدفاً للهجمات الإسرائيلية، حيث قُتل أكثر من 220 من موظفيها في غزة، مع انخفاض حاد في التمويل ونداءات لتفكيك الوكالة.

الإفلات من العقاب يبدو أنه سمة ثابتة في تصرفات إسرائيل تجاه القرارات الأممية، حيث تجاهلت العديد من هذه القرارات دون أن تواجه عواقب. الإخفاق في الاعتراف بحق العودة أو التعويض للفلسطينيين، بحسب القرار 194، لا يزال مستمراً. كذلك، تواصل إسرائيل سياستها الاستيطانية في الأراضي المحتلة، مع تجنب الالتزام بالقرارات التي تدين احتلالها للقدس الشرقية. هذه السلوكيات دفعت مقررة الأمم المتحدة الخاصة بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، فرانشيسكا ألبانيزي، إلى الإشارة إلى أن عدم احترام القانون الدولي يعزز من فكرة أن إسرائيل فوق القانون.

وفي ظل هذا الوضع، تتزايد خيبة الأمل في المجتمع الدولي من عدم قدرة الأمم المتحدة على فرض الالتزام بالقوانين والمبادئ الأساسية، مما أدى إلى تصاعد الاتهامات ضدها بالتقصير. الانتقادات الإسرائيلية للأمم المتحدة تتجاوز الإدانة السياسية، حيث تصف تل أبيب الهيئة بأنها تتبنى مواقف عدائية تؤثر سلباً على استقرار المنطقة. هذه التصريحات تعكس الواقع المأساوي الذي يعيشه الفلسطينيون والتحديات المعقدة التي تواجهها إسرائيل مع المجتمع الدولي.

ختاماً، تعكس العلاقة المتوترة بين إسرائيل والأمم المتحدة واقعاً يؤثر على سياسات السلام والاستقرار في المنطقة. يتطلب الوضع المتدهور إعادة تقييم العضوية الإسرائيلية في الأمم المتحدة، لا سيما مع استمرار الانتهاكات والمخالفات التي تتجاهل القوانين الدولية. الإبادة المستمرة في غزة تتطلب تدخلاً حاسماً لمنع تفاقم الأوضاع الإنسانية وتفكيك الدورة الجهنمية للسيطرة والإفلات من العقاب، مما يطرح تساؤلات حول فعالية الأمم المتحدة كهيئة دولية مسئولة عن حفظ السلام وحقوق الإنسان.

شاركها.
© 2024 خليجي 247. جميع الحقوق محفوظة.