شهد السودان في الآونة الأخيرة تصاعداً مثيراً للقلق في ظاهرة الاختطاف من قبل قوات الدعم السريع، حيث تُرغم هذه القوات عدة عائلات على دفع فديات ضخمة لإنقاذ أحبابهم. مثالاً على ذلك، عائلة رجل الأعمال (ع. أ.) من منطقة رفاعة بولاية الجزيرة، التي اضطرت لدفع 50 مليون جنيه سوداني (19 ألف دولار) بعد أن تم تهديد ابنهم في مقطع فيديو، حيث كان محتجزاً مع مسلح يطالب بفدية محددة وإلا سيفقد حياته. يُظهر هذا الحدث كيف أن الخاطفين يستغلون الوضع الاقتصادي الصعب لعائلات الضحايا.
تعددت حالات الاختطاف، حيث استمرت قوات الدعم السريع في استخدام أساليب الابتزاز، مثل إجبار المختطفين على تسجيل رسائل لأسرهم يطلبون فيها تحويل فدية. وتحدث بعض الناشطين عن مدى تعقد تلك الحالات، مثل قضية الطبيب (م. ط.) الذي تم تهديده بالتصفية، أو حالة الشاب “معاذ” الذي استمر لأشهر تحت الأسر ثم توفي بعد أسابيع من الإفراج عنه. هذه المشاهد ترسم صورة مروعة عن معاناة الضحايا وأسرهم.
صارت ظاهرة الاختطاف تتوسع بشكل ملحوظ في مختلف المناطق، لا سيما في إقليم دارفور، حيث تم نسج روايات عن اختطاف أطراف من قوات الدعم السريع لأشخاص بناءً على وضعهم الاقتصادي. ولعل أبرز هذه الحالات كانت خطف الشاب الفاتح أحمد آدم، الذي طُلِبَت عائلته بمبلغ 100 مليون جنيه سوداني. هذا المنحى يعكس التدهور الأمني والاقتصادي، إذ يشكو الأهل من عدم قدرتهم على دفع الفدية ويأملون في تدخل القيادة لإنقاذ أبنائهم.
الخبير الأمني والعسكري علي سالم يفسر هذا الاتجاه إلى أن الاختطاف بغرض الفدية مسألة شائعة بين العناصر غير النظامية، ويرى أن ضعف القيادة والسيطرة على قوات الدعم السريع هو ما يمنح هؤلاء الأفراد دافعًا لممارسة هذه الأفعال الإجرامية. عدم انتظام صرف الرواتب وغياب الموارد الحيوية في المناطق التي يسيطرون عليها عمق من مشكلتهم، مما دفعهم إلى اللجوء لأساليب جديدة لجمع الأموال.
من جهة أخرى، قيادات الدعم السريع نفت تلك الاتهامات، مُشيرةً إلى أنها تعد دعاية سوداء موجهة ضدهم، متهمةً عناصر أخرى من الحركة الإسلامية وجنود الجيش بالتورط في نشر قصص تتعلق بالخطف. وتستمر التصريحات الرسمية بالتأكيد على وجود متفلتين ويجب التفرقة بينهم وبين عناصر الدعم السريع المشروعة، لكن الشكوك تبقى قائمة حول هذه الادعاءات.
الناشطة القانونية سحر عبد الله أبدت قلقاً عميقاً حول انتشار هذه الأعمال، مُشيرةً إلى أنها تعد انتهاكات صارخة للقوانين الوطنية والدولية. وهي تحذر من تفاقم الأوضاع الإنسانية في السودان وما ينتج عن ذلك من معاناة نفسية للضحايا وأسرهم. تحمل الناشطة الجهة المسيطرة على مناطق الحادث المسؤولية الكاملة، مطالبةً بضرورة محاسبة الجناة. لعل هذه الأصوات الجريئة تعتبر جزءاً من الجهود المجتمعية للضغط من أجل إنهاء هذه الأعمال الإجرامية والحد من الانتهاكات المتكررة لحقوق الإنسان في السودان.