تُعتبر حروب إسرائيل ضد لبنان وقطاع غزة، التي دامت ما يقرب من عقدين، مثالا بارزًا على استخدام أسلحة محظورة دوليًا من قِبَل إسرائيل، تسببت في أضرار جسيمة للمدنيين. لقد حاولت المنظمات الدولية توثيق استخدام إسرائيل لهذا النوع من الأسلحة، خاصة في الهجمات الأخيرة، حيث اعتمدت على تقارير تشير إلى استخدام أسلحة تضر ومخاطر جسيمة. بين عامي 2008 و2009، على سبيل المثال، سجلت الاستخدام المكثف للقنابل الفسفورية خلال عملية “الرصاص المصبوب” في غزة، والتي أثبتت عدم مشروعية استخدامها ضد المدنيين وفقًا للقوانين الدولية. ما تبيّن لاحقًا، هو أن الأذى الذي تسببت فيه تلك الأسلحة تجاوز الحدود المحددة قانونيًا، إذ أُبلغت المؤسسات حول ملاحظة جثث متفحمة وجروح غير مألوفة تشير إلى آثار استخدام أسلحة غير تقليدية.
تُعتبر القنابل الفسفورية من أبرز أنواع الأسلحة المحظورة، إذ تؤدي إلى حروق شديدة تتجاوز الأوذى العادي، وتستمر آثارها في الجسم لفترات طويلة. عند تفجير القنابل الفسفورية، يتفاعل الفسفور الأبيض مع الأكسجين، مما ينتج سحبًا كثيفة من الدخان المشتعل الذي يغطي مساحات واسعة من الأرض. هذا النوع من الأسلحة يُستخدم لخلق حالة من الحجب البصري، لكنه أيضًا يُسفر عن أضرار توصف بالعشوائية وتؤثر على المدنيين بلا تمييز. في الآونة الأخيرة، نُشرت تقارير على لسان منظمات حقوقية تؤكد استمرار استخدام هذه الذخائر في لبنان وفلسطين، مما يستدعي تحركًا دوليًا حقيقيًا للكشف عن الانتهاكات المستمرة.
إلى جانب الفسفور الأبيض، يُستشهد أيضًا بالقنابل الفراغية كأحد أشكال التوحش التي تحاكي الجيش الإسرائيلي. هذه القنابل تعمل على خلق انفجارات شديدة في درجات حرارة تصل إلى 3000 درجة مئوية، مما يضمن ضررًا هائلًا، خصوصًا في الأماكن المغلقة والمكتظة بالسكان. لقد تم توثيق حالات لضحايا يبدو أن أجسادهم قد تآكلت أو تبخرت نتيجة لهجمات جوية إسرائيلية، مما يبرز خطورة استخدام هذه الأسلحة التي قد تتجاوز حدود الخرائط القتالية. انتقدت المنظمات الحقوقية الجيش الإسرائيلي على استخدامها، حيث وُصفت هذه الانفجارات بأنها تُشير إلى نمط متعمد من التدمير لأرواح الأبرياء.
كما تم استخدام “المتفجرات المعدنية الخاملة الكثيفة” في الهجمات على غزة، والتي تبتكر شظايا من مادة تنغستن ضمن تكنولوجيا تراعي دقة استهداف الضحايا. لكن هذه الشظايا تُعتبر مميتة بشكل خاص، حيث لا يمكن علاج الجروح الناتجة عنها. إنها تُفضي إلى إصابات مؤلمة، وبعض الدراسات تشير إلى تأثيراتها السلبية المحتملة كمسبب للأمراض السرطانية. في سياق آخر، تُعد القنابل “الذكية” أيضًا أداة فتاكة خلال النزاعات، إذ يُستخدم بعضها بطريقة مباشرة ضد المدنيين في ظروف لا تتفق مع القوانين الأخلاقية للحروب الحديثة.
وعلى الرغم من أن الاستخدام المفرط للقنابل الغبية قد يكون قانونيًا من الناحية الفنية، إلا أن عديمة الدقة التي تتمتع بها تجعل منها سلاحًا خطيرًا يُستخدم باستمرار في الهجمات على مناطق سكنية بالغة الكثافة السكانية. يُشير التقييمات الاستخباراتية إلى أن النصف من الذخائر الجويّة التي استُقدمت كانت من هذا النوع، مما يسلط الضوء على مدى الإهمال والتهور في استهداف الفلسطينيين. كما أن الاستخدام السيء للقنابل الذكية في المناطق المأهولة يشير إلى انتهاك دائم للقوانين الإنسانية والقواعد الدولية.
لقد أثيرت تساؤلات جدية حول سوء استخدام الأسلحة الكيميائية والبيولوجية في تاريخ إسرائيل. تشير تقارير سابقة إلى أنها تمتلك برامج تصنيع لهذه الأنواع من الأسلحة في ظروف سرية. وفي هذا الصدد، وُجِد أن القرى الفلسطينية تعاني من التأثيرات الضارة بسبب استهدافهم بأسلحة تحمل غاز الأعصاب، مثل السارين، التي تشكل تهديدًا حقيقيًا على حياة المدنيين. في المقابل، ثبت أيضًا أن إسرائيل تعمل على تطوير أسلحة بيولوجية، مُرتكبة بذلك انتهاكات جسيمة تتحدى القوانين الدولية.
في المجمل، يُعَبر استخدام إسرائيل لأسلحة ممنوعة عن توحش مُمنهج يُنتهك فيه أبسط قواعد الإنسانية. الأثر المدمر لهذه الأسلحة لا يعرف التمييز بين العسكري والمدني، مما يثير قلق المجتمع الدولي حول المستقبل. بينما تستمر الدورة من العنف، يتضح أن الخسائر التي تلحق بالمدنيين ليست عفوية بل استراتيجية، منتجةً لعواقب وخيمة على المجتمع الفلسطيني، بينما يتظاهر المجتمع الدولي بالصمت أو عدم القدرة على التصرف. لذلك، لا تزال الحاجة قائمة لمساءلة الدول التي تنتهك حقوق الإنسان وتعقيد التوترات القائمة، مما يتطلب اختبارًا حقيقياً للقوانين والإجراءات المعمول بها في الساحات القتالية الحديثة.