يستعرض فرهاد، شيخ قبيلة القرغيز، واقع حياة شعبه في أفغانستان، حيث يعيشون في ظروف صعبة على هضبة بامير. يعبر فرهاد عن اعتزازهم بحياتهم البدوية في الجبال، لكنهم يعانون من إهمال الحكومات المتعاقبة. فرهاد، الذي يبدو أكبر من عمره، يعكس معاناة كثيرة للقرغيزيين، الذين يعدون أقلية تعيش في هذه المنطقة منذ زمن بعيد. يعاني الشعب من نقص الخدمات الأساسية، حيث لا توفر الحكومة أي طرق معبدة أو مرافق صحية، مما يعكس تجاهلاً تاريخياً لهم.
يعيش شعب القرغيز في خيام مستديرة، ويعتمدون في معيشتهم على الرعي، حيث تفتقر المنطقة لأي نشاط زراعي بسبب ارتفاعها الشديد وظروف المناخ القاسية. يتكلم فرهاد عن أسلوب حياتهم الذي يعتمد على تربية الماشية والمقايضة بدلاً من التعامل بالنقود، حيث أن الرحلات إلى الأسواق تستغرق وقتاً طويلاً وتعتمد على التنقل بالحيوانات. الضيافة الكريمة تُظهر طابعهم، فهم يقدّمون الطعام للزائرين، والذي يتكون غالبًا من الخراف والشاي بالحليب المالح.
تتجلى معاناة القرغيزيين في عدم توفر الخدمات الصحية. يُعاني الكثير منهم بسبب عدم وجود عيادات، وتصل معاناة النساء والأطفال إلى مستويات مروّعة، حيث تموت نسبة كبيرة منهم بسبب الأمراض أو مضاعفات الولادة. فرهاد يتحدث عن تجربة عائلته في مواجهة المرض، ويشير إلى الكلفة الباهظة لنقل المرضى إلى المراكز الصحية البعيدة، مما يؤدي للوفاة بسبب الإهمال.
تعكس حالة التعليم في مجتمعات القرغيزيين أزمة حقيقية. رغم افتتاح مدرسة بفضل جهود سابقة، إلا أن المنظومة التعليمية كانت محدودة للغاية، حيث لا تتجاوز الدراسة فيها المرحلة التاسعة، ويعود الطلاب إلى منازلهم بعد غياب المهجع. الطلاب يواجهون صعوبات كبيرة للوصول إلى المدرسة، مما ساهم في تراجع مستوى التعليم بشكل كبير، وأعاق أي فرص للتعليم العالي في المستقبل.
وعلى الرغم من عدم اشتراكهم في عمليات صنع القرار السياسي، شكلت حكومة طالبان فرصًا جديدة لبعض قادة القبائل في تمثيلهم. لكن فرهاد يعبر عن خيبة أمله، حيث تبقى المشاكل الأساسية مثل نقص الكهرباء والطرق المعبدة كما هي دون أي حلول. تم تقديم وعود بتقديم مساعدات، لكن التنفيذ كان بطيئًا وغير ملموس، مما يزيد من إحباط المجتمع.
في الختام، يظل القرغيزيون في قلب أزمة إنسانية معقدة، حيث يعانون من التهميش والانعدام الكامل للخدمات الأساسية. تعكس تجارب فرهاد وصعوبات شعبه حقيقة معاناة العديد من الأقليات في أفغانستان، والحاجة إلى تدخلات جادة لتحسين أوضاعهم المعيشية وتلبية احتياجاتهم الأساسية. فرهاد يؤكد أنه بالرغم من الظروف الصعبة، يبقى حبهم لوطنهم وارتباطهم بالأرض جزءًا من هويتهم وثقافتهم.