نفذت إسرائيل هجومًا عسكريًا على إيران، مستهدفة العديد من المحافظات، مما أثار ردود فعل قوية وأدى إلى تصاعد التوترات بين الجانبين. الهجوم، الذي وقع السبت الماضي، يُعتبر الأول من نوعه منذ انتهاء الحرب الإيرانية العراقية في عام 1988. بينما تحدث الإعلام الإيراني عن إحباط الهجوم، أعلن الجيش الإيراني عن مقتل أربعة من عناصره وواحد من المدنيين، مما يزيد من تعقيد المشهد العسكري في المنطقة. كما زادت الزيادة في التصريحات حول ملامح المرحلة المقبلة بين إيران وإسرائيل من حدة القلق، حيث تشير المعلومات إلى أن الصراع قد يتجاوز حدود الرد والرد المضاد إلى شيء أكثر خطورة.
من وجهة نظر أكاديمية، يُفهم أن إسرائيل قامت بالهجوم كنوع من استعادة مكانتها العسكرية بعد تجربتها غير الناجحة في عملية “الوعد الصادق 2”. يعتقد العديد من الخبراء أن إسرائيل غير قادرة على استهداف المواقع الحيوية أو النووية الإيرانية دون أن تتكبد تكاليف باهظة. نظراً لصغر حجمها الجغرافي، فإنها تعتبر “هشة جدًا”، ما يجعلها تخشى من الوقوع في حرب شاملة مع طهران. تشير التحليلات العسكرية إلى أن قدرة إيران على استهداف مواقع حيوية في إسرائيل تهدد بتركيع الأخيرة، مما يجعل الوضع القائم أكثر حذرًا على كلا الجانبين.
في سياق الحديث عن الخيارات المستقبلية، يُعتقد أن طهران سترد على الهجوم الإسرائيلي نظراً لأنه تجاوز الخطوط الحمراء وأدى إلى إراقة الدماء. ولكن توقيت وكيفية الرد الإيراني يعتمد على تقييمات القادة العسكريين في طهران. يجب أن تؤخذ في الاعتبار التوترات الإقليمية والأمنية مع الاعتراف بأن إقدام إيران على الرد بطريقة عسكرية قد يتطلب تعمقًا في التفكير الاستراتيجي. وفي الوقت نفسه، تقدم دعم واشنطن المادي لإسرائيل مجالاً للتصعيد، ولكن إدارة بايدن تواصل الادعاء بعدم رغبتها في السماح بنشوب حرب إقليمية.
تتزايد الضغوط على إسرائيل قبل عملياتها، حيث تتطلب الأحداث مثل “الوعد الصادق 2” اتخاذ إجراءات مباشرة لإثبات ردعها ضد طهران. من خلال الهجمات على المنظومات الدفاعية الإيرانية وإيقاع خسائر بشرية، يبدو أن الهدف الإسرائيلي هو تحسين قوة الردع وتقليل القوة العسكرية الإيرانية. ومع أن تفاعلات التطورات في لبنان وغزة تضيف بُعدًا جديدًا لصراعهم، يظهر أن الوضع الحالي لا يزال بعيدًا عن نقطة اللاعودة.
على صعيد التفاوض الدولي، تُعتبر قضية إيران وإسرائيل الآن قضية ذات أبعاد دولية، حيث تلعب قوى مثل الولايات المتحدة وروسيا والصين أدوارًا في هذه المعادلة المعقدة. تُظهر الأبحاث أن إسرائيل تسعى فعلاً لدفع إيران إلى شفا ضعف عبر العرقلة الدائمة لمفاوضات البرنامج النووي. من جانبها، ترسل إيران إشارات واضحة بأن محاولات إسرائيل لن تضعف من قدرتها أو سلطتها في المنطقة، مما يدل على تكامل استراتيجيات القوى الإقليمية والدولية.
أخيرًا، يشير الخبراء إلى أن المرحلة الحالية قد تشهد انتقالًا نحو “حرب باردة” بين إيران وإسرائيل، حيث تبرز التوترات العسكرية بقوة لكن من دون التصعيد إلى مرحلة شاملة. تجد طهران في كل رد على الهجمات فرصة لإثبات قدرتها الدفاعية، مما يشير إلى أن استخدام القوة العسكرية فقط لن يكون كافيًا لحل النزاع. بدلاً من ذلك، ستستمر المواجهة في ظلال الاستراتيجيات الجيوسياسية المختلفة، مما يعكس تعقيد العلاقات بين القوى الكبرى في الشرق الأوسط.